والشرط، غير أن الشرط موجب لثبوت الحكم بعده ولانتفائه قبله، والغاية موجبة لثبوت الحكم قبلها، ولا ينافيه بعدها. فإن اقترن بالغاية شرط تعلق الإثبات بها والنفي بأحدهما، كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} وهذا غاية، ثم قال: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} [البقرة: 222]، وهذا شرط [فتعلق حكم الإثبات بوجود الشرط بعد الغاية]، فلا يستباح وطئها إلا بالغسل بعد انقطاع الدم، وتنتفي الاستباحة بعدمها أو عدم أحدهما من غاية أو شرطٍ.

وأما القسم الخامس: وهو المحكم والمتشابه، فأصله قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7]، وفي المحكم والمتشابه للعلماء ثمانية أقوال: أحدها: وهو قوله ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم - المحكم الناسخ، والمتشابه المنسوخ.

والثاني: المحكم الفرائض والوعد، والمتشابه القصص والأمثال.

والثالث: المحكم الذي لم تتكرر ألفاظه، والمتشابه الذي تكررت ألفاظه.

والرابع: المحكم ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه، والمتشابه ما لم يكن لهم إلى علمه سبيل، كقيام الساعة، وطلوع الشمس من مغربها.

والخامس: المحكم ما أحكم الله تعالى بيان حلاله وحرامه، فلم تشتبه معانيه، والمتشابه ما اشتبهت معانيه.

[103/أ] والسادس: المحكم ما لم يحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدًا، والمتشابه ما احتمل من التأويل أوجهًا.

والسابع: المحكم ما قال بنفسه ولم يحتج إلى الاستدلال، والمتشابه ما لم يقم بنفسه واحتاج إلى الاستدلال.

والثامن: المحكم ما كانت معاني أحكامه معقولة، والمتشابه ما كانت معاني أحكامه غير معقولة، كأعداد الصلاة، واختصاص الصيام بشهر رمضان.

وفي قوله تعالى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} ثلاثة أوجه: أحدها: أنه أراد الآي التي فيها الفرائض والحدود؛ لأنها أكثر المقصود.

والثاني: أراد فواتح السور التي يستخرج منها القرآن.

والثالث: أراد معقول المعاني؛ لأنه يتفرع عنه ما يشاركه في معناه، فيصير الأصل كفروعه كالأم لحدوثها عنه، فلذلك يسمى أم الكتاب.

{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: 7]، فأراد به الأجل الذي أرادت اليهود أن يعرفوا من الحروف المقطعة في القرآن من انقضاء مدة النبي صلى الله عليه وسلم بحساب الجمل.

والثاني: أنه معرفة غرائب القرآن في العلم بورود النسخ قبل وقته. {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015