مسألة: قال: "لو كانتْ امرأتهُ محدودةً في زنَا فقذفهَا بذلكَ الزنَا، أو بزنَا كانَ فِي غيرِ ملكهِ عزرَ أَنْ طلبتْ ذلكَ ولَم تلتعنْ".

إذا ثبت الزنا عليها بالبينة سقط إحصانها، فإذا قذفها قاذف لم يحد سوى قذفها بالزنا الذي قامت بالبينة أو بغيره وسواء كان زوجًا أو أجنبيًا لأن هذا القذف لا يدخل المعرة عليها بقيام البينة به ولأنه قد ثبت صدقه في قذفه فلا يحد ولكنه يعزر للأذى والسب وهل للزوج أن يلاعن لأجله؟ نقل المزني أنه لا يلاعن، وقال في "الأم": عزر أن طلبت ذلك [186/ أ] إن لم تلتعن ونقله الربيع، واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: وهو اختيار أبي إسحاق الصحيح ما نقله المزني وغلط الربيع في نقله لأنها إذا كانت محدودة في الزنا فقذفها بذلك الزنا فقد تبين صدقه فاستغنى عن تصديق نفسه باللعان، واللعان لا يراد إلا لتصديق قوله والتعزير، وإن وجب به فهو للأذى ولا مدخل للعان فيه. قال أبو إسحاق: ولذلك لو قذف امرأة فحد لها ثم عاد فقذفها بذلك الزنا لم تعد عليه اللعان ثانيًا، وعزر للأذى لأن اللعان إنما يدخل في قذف لم يعلم حقيقته وهذا اختيار ابن أبي هريرة أيضًا ويفارق هذا شروع اللعان في قذف الذمية والأمة لإسقاط التعزير لأنه يفيد التصديق هناك، فإن قيل: أليس يفتقر هذا التعزير إلى مطالبتها كقذف الذمية يفتقر في تعزيره إلى مطالبتها، فلو كان هذا التعزير للأذى لما افتقر إلى المطالبة كما لو قال: الناس كلهم زناه قلنا: تعزير السب والأذى على ضربين.

أحدهما: لا يفتقر إلى المطالبة كما ذكرتم لأنه لم يتعين مستحقه. والثاني: يفتقر إلى المطالبة وهو إذا تعين مستحقه وهاهنا هذا التعزير حقها بعينها فيفتقر إلى مطالبتها لهذا المعنى، ومن أصحابنا من قال: الصحيح ما نقله الربيع أن له أن يلاعن لأنه قذف في زنا حصل في ملكه فله التخلص منه باللعان. وتأويل ما نقله المزني أنه قال: عزر أن طلبت ذلك ولم يلتعن أي عزر إذا حصل طلبها وامتناعه من اللعان ولا يجعل قوله ولم تلتعن كلامًا مفردًا أو جوابه هذا راجع إليه إذا قذفها بزنا كان قبل الزوجية فلا تلاعن له [186/ ب] لأن القذف بذلك الزنا لا يوجب اللعان فتكرار القذف به لا يوجبه، وإذا ثبت عليها الزنا في النكاح بالبينة وأقيم عليها الحد كان له اللعان في أصل الزنا فكذلك له اللعان إذا كرر القذف والأول أقيس وأصح، وأما إذا ثبت الزنا عليها بلعانه وامتنعت من اللعان فحدت كأن قذفها الزوج بعد ذلك فلا حد عليه ويعزر للأذى وليس له إسقاط هذا التعزير باللعان.

وإن قذفها أجنبي فيه وجهان؛ أحدهما: يحد وهو اختيار ابن سريج لأن إحصانها لم يرتفع في حق الأجنبي لأن اللعان حجة خاصة في حق الزوج فلا يبطل إحصانها إلا في حقه. والثاني: لا يحد وهو اختيار أبي إسحق لأنها محدودة في الزنا فلم يحد قاذفها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015