من غير مطالبة ينظر فإن كان هناك نسب نفي حملًا كان أو ولدًا كان له اللعان، وإن لم يكن هناك نسب بل له أن يلاعن لإسقاط الحد من غير مطالبة الحد المذهب أنه ليس له ذلك لأنه لا يخلو إما أن يلاعن لدرء الحد عن نفسه فليس هاهنا مطالب، أو يلاعن لقطع الفراش فيمكنه دفعه بالطلاق [182/ أ] أو لاعن لا يجاب الحد عليها، ولا يمكن ذلك فلا وجه له. وقد ذكرنا عن أبي إسحاق أنه قال: يلاعن، وإن لم يطالب لأن الشافعي قال: ونفي الولد أن انتفي منه فدل على أنه يصح لعانه من دون انتفاء النسب، فقيل لأبي إسحاق في الدرس هذا ما قاله الشافعي في أول الباب، وفي ذلك دلالة على أن ليس للزوج أن يلتعن حتى تطلب المقذوفة حدها فقال: إنما قال الشافعي: ليس عليه، ولم يقل ليس له.

واللعان إنما يجب عليه إذا طالبه بالحد، فأما قبل المطالبة فله ذلك ليسقط عن نفسه ما قد لزمه. وقال جماعة من أصحابنا: ما ذكره أبو إسحق ظاهر المذهب، وذكر هذا القائل أنه يجوز أن يلاعن لقطع الفراش المجرد. والشافعي أجاز هاهنا لقطع الفراش، وهذا لأن اللعان عند القذف حق الزوج احتاج إليه أو استغنى عنه. ومن قال بالأول أجاب عما قال أبو إسحاق بأن قواله: ونفي الولد انتفي منه؛ أراد به أنه إن لم يعقل عن ذكره في اللعان نفي عنه، وإن نسى ذكر أو أعقله لم ينف عنه حتى يستأنف اللعان ويذكره.

فإذا تقرر هذا ولاعن الزوج انتفي الولد، وقت الفرقة، وانتفي النسب وسقط عنه الحد، ولكن لا يجب عليها الحد في الحال لأنها غير مكلفة فلا يقدر على دفعه عن نفسها، فإذا أقامت أقيم عليها الحد إلا أن تلتعن، ولو كان قذف مجنونة فأفاقت بعد لعانه؛ لا لعان عليها لأنها لا تخشى حدًا يقام عليها.

مسألة: قال: "ولو طلبهُ وليهَا، أو كانتْ أمةٌ فطلبهُ سيدهَا لمْ يكنْ لواحدِ منهمَا".

أراد به: إذا قذف امرأته وهي عاقلة فجنت، أو قذفها وهي مجنونة بزنا نسبه آلي صحالة الصحة وجب عليه الحد، [182/ ب] ولكن لا تطالب به حتى تعتق المرأة فتطالبه به فإن طالبه وليها؛ لم يكن له لأن ذلك لها يتعلق باختيارها، فليس للولي أن يفتأ به عليها. كما نقول في المطالبة بفرقة الإيلاء. وإن قذفها وهي مجنونة بزنا إضافة آلي حال الجنون؛ لم يلزمه الحد، ويلزمه التعزير حق لها كالحد، فليس للولي طلبه حتى يفيق. وإن أراد الزوج أن يلاعن لإسقاطه؛ قد ذكرنا الخلاف فيه وهذا لأنه لا فرق بين الحد والتعزير، وإن كانت امرأته أمة مجنونة لم يجب عليه الحد بقذفها، ويجب التعزيز، وليس للسيد طلبه حتى تفيق فتطالبه به لأنه حق لها دونه تجب بهتك عرضها وعرضها لها بخلاف القصاص يتعلق بالبدن، وبدنها له وقد بينه الشافعي فقال: بعده أو بحد للحرة البالغة ويعزر لغيرها، وذكر في "المهذب" أنه لو جني على عبد رجل يوجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015