فرع آخر

لو أقر بالقذف وأنكر اللعان فقد جرى عليه حكم القذف وإن كان مقرًا به. وأما اللعان فقد جرى عليه أحكامه ولكنه إذا أنكر وقال: ما لا عنت يعرض عليه اللعان، فإن أجاب كان لعانًا ثانيًا بعد أول يتأكد به إحكام اللعان الأول، وإن لم يجب إليه صار كالمنكر للقذف واللعان، فيعود عليه من أحكامه ما له من الحد، ولحوق الولد تغليظًا بعد التخفيف ولا يعود ما عليه من الفرقة، وتحريم التأبيد لأنه تخفيف. وأما قول الشافعي: قال بعض الناس: لا يلاعن الأخرس، أراد أبا حنيفة ثم ألزمه الطلاق والبيع، وقال: ناقض في هذا؛ ووجه المناقضة ظاهر، وذلك أنه ألحقه بالناطق في الطلاق والبيع، ولم يلحقه بالناطق في القذف واللعان.

مسألة: قال: "وأصمتتْ أمامهُ بنتُ أبي العاصِ فقيلَ لها: لفلانِ كذَا أو لفلانِ كذَا فأشارتْ أي نعمْ فرفعَ ذلك فرأيتْ أنها وصيةٌ".

إذا أصاب الرجل سكتة أو ثقل لسانه لعارض مرض، نقل المزني أن إشارته تقول مقام عبارته. وقال في "الأم": تربصنا به حتى يفيق أو يطول ذلك به فيشير إشارة تعقل أو تكتب كتابه يعقل فيصير كالأخرس واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال: يرى رجلين طبيعيين من المسلمين، فإن قالا: إن ذلك يزول انتظر به، وإن قالا: لا يزول ذلك، لاعن بالإشارة كالأخرس. [181/ ب] وهو كما قلنا في العضوية إن كانت تزول لم يجز له الاستنابة في الحج، وإن كانت لا تزول جاز له الاستنابة، وأراد الشافعي بقوله: أو يطول، إنه لا يوحي زواله. وممن أصحابنا من قال: كلام الشافعي على ظاهره، وإن كان يطولن وإن قيل: يرجي زواله يلاعن أيضًا وهذا أصح، واختاره القاضي الطبري. ومن أصحابنا من قال: يلاعن في الحال للعجز عند المطالبة والاعتبار الحال لأنه ربما يموت قبل السلامة فيبطل حقه، والدليل عليه خبر أمامة بنت أبي العاص حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: أصمتت أي: أصابتها سكتة اعتقل منها لسانها وذلك الداء يقال له: السكتات والصمتات فنفذت الصحابة إشارتها، وقوله في "الأم": أو يطول أراد ليتعود الإشارة فتأتي بها وجه الدليل أنه إذا قامت الإشارة مقام العبادة في الوصية فكذلك في اللعان والقذف.

مسألة: قال: "ولو كانتْ مغلوبًا على عقلها فالتعن وقعتْ الفرقةُ ونفيَ الولدُ".

إذا قذف زوجته وهي عاقلة ثم جنت أو قذفها بعدما جنت بقذف مضاف آلي حال إفاقتها كان عليه الحد عنها، وإن قذفها بقذف في حال جنونها كان عليه التعزير، فإن أفاقت وطالبت بالحد أو التعزير كان له إسقاطه باللعان، وإن لم تقف هل له أن يلاعن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015