الفصل

وهذا كما قال: إذا وكل رجل رجلًا ببيع متاعه بأجرة ذكرها في عقد الوكالة فباع ودفع الثمن ثم طالبه بالأجرة فقال الموكل: قد خنتني بمقدار الأجرة وأنكر الوكيل فالقول قول الوكيل مع يمينه، وإنما تسمع دعواه إذا جعل مقدار الخيانة معلومًا فقال: أخذت ثمن السلعة كذا وكذا درهمًا، ودفعت إلي كذا فإذا حلف استحق الأجرة، فإن لم يحلف رددنا اليمين على الموكل، فإذا حلف استحق مقدار الخيانة وصار قصاصًا من الأجرة ولو قال: ما علمت ما فوضت إليك فلا تستحق الجعل فعلى الوكيل إقامة البينة لأنه يدعي به عوضًا والأمل عدمه. وظاهر لفظ المزني أن ها هنا أيضا القول قول الوكيل وليس كذلك وصورة مسألة المزني ما ذكرناه.

فرع

لو قال: ضاع الثمن قبل قوله مع يمينه فإذا حلف برئ منه ويلزم له الأجرة على موكله لأن الأجرة مبذولة على عقد البيع وقد فعل ما يتحقق به الأجرة فلم يسقط بتلف الثمن وهذا كما لو استأجر رجلًا ليعلم ابنه القرآن بأجرة معلومة فعلمه ثم مات الابن استحق الأجرة، وكذلك إذا استأجره ليرعى له غنمه شهرًا فرعاها ثم تلفت كانت له الأجرة لأن الذي شرط له الأجرة عليه قد حصل [74 /ب] منه فكذلك ها هنا ويخالف الخياط أو الصباغ إذا تلف الثوب في يده لم تكن له الأجرة لأنه يحتاج أن يسلم العمل إلى المستأجر، فإذا لم يسلم العمل إليه لم يستحق الأجرة عليه بخلاف مسألتنا.

فرع آخر

إذا باع الوكيل بجعل له مطالبة الموكل بالجعل قبل أن يتسلم الموكل الثمن لأن الأجرة مستحقة بالبيع ولا يشترط التسليم فيه.

فرع آخر

لو قال: وكلتك في بيع مالي فإذا سلمت الثمن إليّ فلك كذا فإنه يقف استحقاق الجعل ها هنا على تسليم الثمن إليه لأنه شرطه في الاستحقاق بخلاف المسألة الأولى.

فرع آخر

لو دفع ثوبًا إلى قصار فجحده القصار ثم جاء به مقصورًا هل له الأجرة أم لا؟ حكي أن أبا حنيفة أمر من سأل أبا يوسف عن هذا فقال: له الأجرة فقال ذلك السائل له: أخطأت فقال: لا أجرة له، فقال: أخطأت فجاء أبو يوسف أبا حنيفة وسأله عنها فقال: إن قصرت قبل الجحود فله الأجرة وإن كان بعده فلا أجرة له. وأما عندنا إن قصره قبل الجحود فله الأجرة، وإن قصره بعد الجحود تخرج المسألة على جوابين بناء محلى قولي الشافعي فيمن أحرم عن غيره بإذنه ثم صرف الإحرام إلى نفسه لا ينصرف إليه ويصح عن الآمر وهل يستحق عليه الأجرة أم لا؟ فيه قولان.

أحدهما: يستحق لأنه وقع عن الأمر. والثاني: لا يستحق لأنه نواه عن نفسه وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015