(والثاني): تقبل وهو اختيار القفال لأنه أنكر القبض والبينة تشهد بالتلف. فعلى هذا ينظر فإن شهدت البينة بتلفها بعد الجحود لا يسقط الضمان لأنه بالحجر صار ضامنًا له، وإن شهدت بتلفه قبل الجحود فلا ضمان عليه، وإن شهدت البينة برده على صاحبه برئ. وإن لم تقم عليه بينة ولكنه أقر بعد الإنكار بأنه قبضه وادعى التلف لم يقبل منه لأنه كذب نفسه فقد بطلت أمانته هذا كله إذا قال: ما قبضت منك شيئًا.
فإن قال: ما لك عندي شيء ثم قامت البينة أنه قبضه منه ووكله ببيعه أو أقر بذلك ثم قال: كنت قبضته ولكن رددته عليه، أو تلف في يدي فلا ضمان عليه، لأن أحد قوليه ليس بتكذيب للأخر. فإن قيل: إذا ادعى عليه القبض والتوكيل فلم يسمع منه هذا الجواب قلنا: من ادعى على رجل بيعًا أو غصبًا أو قرضًا أو غير ذلك لا يلزم أن يجيبه على لفظه فإذا قال: ما لك عندي حق يسمع جوابه؟ لأنه يجوز أن يخب ثم يشتريه، أو يكون له عليه دين لا يصل إليه من جهته فغصبه منه أو يقبضه منه بالوكالة ثم يتلف فلا يكون له قبله حق فكان هذا الجواب مسموعًا ولم يكلف غيره، فإن أجابه على لفظه فقال: ما غصبت ولا استقرضت هل يحلفه على حسب جوابه أو يحتاط فيحلفه على أنه لا حق له عليه؟ ذكرنا وجهين.
مسألة (?): قال: ولو أمر الموكل الوكيل أن يدفع مالًا إلى رجل.
الفصل
وهكذا: إذا دفع إلى رجل مالًا وأمره أن يقضي دينه فقال: قبضته وقال صاحب الدين: ما قبضت منه شيئًا فالقول قول صاحب الدين مع يمينه، فإذا حلف استحق الدين على الموكل ولا مطالبة له على الوكيل. وهل للموكل مطالبة الوكيل إذا لم يكن أشهد عليه؟ بيناه في كتاب الرهن والضمان.
وقال أبو حنيفة: إذا صدقه [74/ أ] الموكل لم يضمن الوكيل، وإن كذبه فالقول قوله مع يمينه. وقال ابن سريج: وهذا وجه لبعض أصحابنا كما يقبل قوله على موكله بالبيع والقبض في أحد القولين. وقال أبو حامد: هذا لا يشبه ذلك لأنه ها هنا مفرط بترك الإشهاد فلهذا ضمن بخلاف ذلك. ولو قال الوكيل: دفعت بحضرتك فلم يلزمني الإشهاد، وقال الموكل: لم تدفع بحضرتي فالقول قول الوكيل مع يمينه، كما لو ادعى الرد إليه وأنكر ذكره بعض أصحابنا قال: ولا يشبه هذا إذا أقر أنه باع وأنكر الموكل لا يقبل قوله في أحد القولين لأنه يثبت حقا على موكله لغيره وها هنا يسقط عن نفسه الضمان بما ذكره فكان القول قوله مع يمينه.
مسألة (?): قال: ولو جعل للوكيل فيما وكلًا جعلا.