فتجعل على الأول درهماً هو أرش جراحة، وعلى الثاني درهماً هو أرش جراحه وقيمة الصيد بين الجراحتين ثمانية دراهم تجب على كل واحد من الجارحين نصفها أربعة دراهم، فتضم إلى الدراهم الذي لزمه بأرش الجراحة، فيصير على كل واحد منهما خمسة دراهم، ولو كانت جراحة الأول أرشها درهماً، وجراحة الثاني أرشها درهمين. فهما أرش جرحته، ثم مات الصيد بعد الجراحتين وقيمته سبعة دراهم، فيكون على كل واحد منهما نصفها ثلاثة دراهم ونصف فيصير على الأول مع الدرهم أربعة ونصف، وعلى الثاني مع الدرهمين خمسة دراهم ونصف، ولو كانت جراحة الأول أرشها ثلاثة دراهم، وجراحة الثاني أرشها درهمان أوجب على الأول ثلاثة دراهم هو أرش جراحته، وأوجب على الثاني درهمين هما أرش جراحته، ومات الصيد بعد الجراحتين وقيمته خمسة دراهم على كل واحد منهما نصفها، يضم إلى ما عليه، فيصير على الأول خمسة دراهم ونصف، وعلى الثاني أربعة دراهم ونصف ثم على هذه الطريقة فيما زاد ونقص، وهي إن صحت في العمل فهو تفسد على أصول الشافعي في وجهين:
أحدهما: أن الجراحة إذا سرت إلى النفس لم يعتبر أرشها، وإذا لم تسر إلى النفس اعتبر أرشها، ألا ترى أن رجلاً لو قطع يد عبد، فمات من السراية ضمن جميع القيمة، ودخل أرش القطر في قيمة النفس، ولو لم يمت من القطع حتى قتله آخر كان على القاطع دية يده، لأن قطعه لم يسر، كان على القاتل قيمة نفسه؟ والمزني اعتبر أرش الجراحة مع سرايتها، وفيه مخالفة لهذا الأصل.
والثاني: أن قيمة المجنى عليه معتبرة عند وقوع الجناية عليه، ولا تعتبر قيمته بعد استقرارها عليه، ألا ترى لو قطع يا عبد فمات اعتبرت قيمته قبل قطعه ولم تعتبر بعده، والمزني اعتبر القيمة بعد الجراح، مخالف هذا الأصل، واختلف أصحابنا كذلك فيما ذهب إليه المزني، هل قاله تخريجاً على مذهب الشافعي، فكان مخطئاً، أو قاله مذهباً لنفسه فكان مجتهداً؟ فعلى وجهين:
أحدهما: قاله تخريجاً.
والثاني: قاله مذهباً غير اجتهاد، فهذا حكم الوجه الأول على قول المزني.
فصل:
والوجه الثاني: وهو الظاهر من مذهب الشافعي على قوله أكثر أصحابه، وقيل: إنه قول أبي إسحاق المروزي، وإن لم أره في شرحه، أن قيمته في حق كل واحد منهما معتبرة بحال جنايته وجراحة كل واحد منهما، قد سرى نصفها إلى ما دخل في ضمان، فسقط اعتباره، وسرى نصغها إلى ما دخل في ضمان غيره فوجب اعتباره، لأنها لو سرت في حقه إلى جميع النفس سقطت، ولو لم تسر في حقه إلى شي، من النفس وجبت، فوجب إذا سرت في حقه إلى نصف النفس أن يسقط نصف الأرش ويجب نصف الأرش مضموماً إلى نصف القيمة وقت جنايته، ويتحمل الثاني عن الأول نصف الأرش كما