الفصل
وهذا كما قال: هذا الحكم لا يختص بالأسير بل الأسير وغيره سواء، ولكن الشافعي فرض المسألة في أسير من المسلمين في مطورة المشركين لأن الغالب أن الشهر إنما يشتبه على مثل هذا [324 ب/4] والمذهب فيه أنه إذا غلب على ظنه دخول رمضان يلزمه أن يصوم فإن وافق شهر رمضان يجزئه، وبه قال جماعة العلماء وقال الحسن بن صالح بن حي لا يجزئه لأنه صامه على الشك كما لو صام يوم الشك لا يجزئه. وإن بان أنه من رمضان وهذا غلط لأنه أداه بالاجتهاد فإذا وافق الصواب أجزأه كنا في القبلة. ويفارق صوم يوم الشك لأنه أداه من غير إمارة حتى لو صام بالإمارة مثل أن أخبره عدل برؤية الهلال أو بمعرفة منازل القمر أجزأه، ولو صام ها هنا من غير أمارة ولكنه وقع في نفسه أنه الشهر لا يجوز والإمارة مثل الحر والبرد والخريف والربيع وإدراك الثمار ونحو ذلك وإن بان أنه كان يفطر بالنهار ويصوم بالليل فإنه يلزمه القضاء بلا خوف وإن وافق ما قبل رمضان فإن علن قبل مضي رمضان صامه قولاً واحداً وإن علم وقد مضى رمضان كله فيه طريقان:
أحدهما: يلزمه القضاء قولاً واحداً لأن الشافعي قال "الأم": ولو قال قائل يجزيه كان مذهبا وأرد مذهب الغير لا مذهبه ومفهوم ما ذكر هنا انه لا يجزئه لأنه قال: فوافقه أو ما بعده ولم يقل أو ما قبله [325 أ/4] ومنهم من قال: فيع قولان وبه قال عامة أصحابنا لأن الشافعي قال في "القديم" صريحا: فإن وافق قبله ثم تبين له بعد انقضاء رمضان ذلك أجزأه ووجه هذا أنه لو اشتبه يوم عرفة فأحرموا ووقفوا ونحروا فوافق ما قبله فإنه يجوز بالإجماع والصحيح انه لا يجوز، وبه قال جماعة العلماء لأنه أدى العبادة المفروضة قبل وقتها فلا يجوز كالصلاة. وأما خطأ عرفة فذاك للجمع الكثير يشق عليهم القضاء ولا يؤمن مثله في القضاء بخلاف هذا. وقال القفال: معنى القولين عندي أنه إذا وافق شهراً بعد رمضان أجزأه بذلك على معنى القضاء أو الأداء فإن كان على معنى الأداء جاز ها هنا لأنه إذا صار الشهر أداء بالاجتهاد فما قبل رمضان وبعده سواء وإن كان على معنى القضاء فالقضاء قبل الوقت لا يجوز قال: ويبني على هذين المعنيين انه إذا صام شهراً بعد رمضان يجوز بلا خلاف ثم الاعتبار بعدد أيام رمضان أو بعدد أيام الشهر الذي صامه، فإن جعلناه قضاء اعتبرنا أيام رمضان فإن كان رمضان ثلاثين والشهر الذي صامه تسعة وعشرين فعليه صوم يوم آخر وإن كان رمضان تسع وعشرين وصام شهراً هو ثلاثون ولكنه أفطر منه يوماً كفاه ما صام [325 ب/4] وإن جعلنا أداء اعتبرنا أيام الشهر الذي صامه، ففي المسألة الأولى يكفيه ما صام، وفي المسألة الثانية عليه قضاء اليوم الذي أفطر فيه.
وقال أهل العراق: إن كان رمضان تاماً والشهر الذي صامه بين الهلالين ناقصاً يحتمل أنه يجزئه وبه قال الحسن بن صالح ويحتمل أن لا يجزئه لأن بفوات رمضان استقر عليه عدده. وقال أبو حامد: والأول أشبه لأن الشافعي نص في "الأم" أنه يجزئه