لخبر لقيط بن صبره ولأنه حادث بسبب مكروه فأشبه الإنزال مع القبلة وإن لم يبالغ فيه قولان:
احدهما: يفطره وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني لأن الماء وصل إلى جوفه بفعله مع ذكره للصوم فوجب أن يفطره، كما لو بالغ.
والثاني: لا يفطر وبه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو اختيار الربيع وهو الصحيح لأنه وصل [323 ب/4] إلى جوفه بغير اختيار فلا يفطر كغبار الطريق وغربلة الدقيق، وقال الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وهو قول ابن عباس رضي الله عنهم: أنه إن توضأ لمكتوبة لا يفطره وإن كان لنافلة فطره لانه في الفريضة مضطر بخلاف النافلة. ومن أصحابنا من قال: بالغ او لم يبالغ فيهما قولان لأن وصول الماء لا يكون غلا بزيادة على المحدود فيهما وهو مغلوب في كلتا الحالتين ولأن الشافعي لم يفصل بين ان يكون بالغ او لم يبالغ وهذا أضعف الطرق. ومن أصحابنا من قال: المسألة على حالين لا على قولين فالذي قال في "الأم": لا يفطره أراد أنه إذا لم يتعمده والذي قال في راوية المزني والقديم يفطره أراد إذا تعمد وفسر في كتاب ابن أبي ليلى فقال: لا يلزمه حتى يحدث ازدراداً أي: يقصد ذلك.
ومن أصحابنا من قال: المسألة على حالين من وجه آخر فإن بالغ فإنه يفطره قولاً واحداً وإن لم يبالغ لم يفطره قولاً واحداً واحتج المزني بالغلط في الوقت يفطره. فقال: إذا كان الآكل لا يشك في الليل أي: في بقاء الليل فيوافي الفجر مفطراً بالإجماع وهو بالناسي أشبه، ووجه الشبه أن كليهما لا يعلم [324 أ/4] أنه صائم وقت أكله وهذا السابق إلى جوفه يعلم أنه صائم فإذا أفطر في الأشبه بالناسي كان الأبعد من الناسي وهو هذا المستنشق بالفطر أولى والجواب عن هذا أن يقول: تشبيهك أولا المخطئ في الوقت بالناسي غير صحيح لأنه لو كان كذلك لكان المخطئ لا يفطر كالناسي، ثم الفرق بين مسألتنا وبين المخطئ في الوقت هو أن الفطر إنما يقع بشيئين الازدراد مع ذكر فالمخطئ في الوقت ذاكر للصوم قاصد إلى الازدراد ففطره وهذا المستنشق ذاكر للصوم ولكته غير ذاكر للصوم فلم يجتمع فيه المعنيان فلم يفطره ثم يبطل ما ذكره بما لو صب الماء في حلقة فإنه ذاكر للصوم ولا يفطره.
فرع
لو غلبه العطش فأدخل الماء في فمه ليسكن عطشه أو أدخل الماء في فمه لا لغرض فسبق إلى جوفه فيه طريقتان، أحدهما: فيه قولان، والثانية: قول واحد يفطره لأنه لا حاجة إليه.
مسألة: قال (?): وإن اشتبهت الشهور على أسير.