وأما إذا رزق في إحليله شيئا أو دخل فيه ميلاً أو قطعه يفطره قولا واحداً لأنه منفذ يتعلق الفطر بالخارج منه وهو المني ُّ يتعلق بالواصل إليه كالفم، ولا فرق بين أن يصل إلى مثانته أولاً. ومن أصحابنا من قال فيه وجهان: أحدهما: هذا، والثاني: لا يفطره، وبه قال أبو حنيفة وأحمد لأن ما يصل إلى المثانة لا يصل إلى المثانة لا يصل إلى الجوف فصار كما لو أوصل إلى فمه لا يفطره. وقال القفال: لا نص فيه والأظهر هذا واختاره القاضي الحسين، وقال القفال: الوجه الأول خرجه ابن أبي أحمد قال: ويفارق نقض الطهارة بخروج الخارج منه لأن ذلك بخروج الخارج من محل الحدث، والفطر بوصول الواصل إلى الجوف وهذا ليس بجوف. وقال بعض أصحابنا بخراسان إن وصل إلى المثانة فطره، وإن وصل إلى القضيب دون المثانة وجهان/ والمذهب الأول وهو المنصوص عند أهل العراق.

وأما إذا كانت في بطنه جراحة فداوها به واتصل إلى الجوف فطره سواء كان الدواء رطبا أو يابساً، [321 ب/4] وبه قال أحمد وأبو حنيفة. وروى أصحابنا عن أبي حنيفة أنه كان رطبا فطره وإن كان يابساً لم يفطره وهذا لأن الغالب من الرطب أنه يصل إلى الجوف ومن اليابس أنه يقف ولا يصل إلى الجوف. وعلى هذا يرتفع الخلاف، وقال مالك: لا بفطره وهذا غلط لما ذكرنا من العلة ولو أسقط الدهن أو غيره حتى وصل إلى جوف رأسه فطره، ويعني به إن تجاوز ذلك خياشيمه لا أن يصل إلى خريطة الدماغ، وهكذا إذا كانت برأسه شجة مأمومة فأوصل دواء ألى باطن الرأس وإن لم يوصل إلى باطن الأمعاء فطره. قال أبو يوسف ومحمد لا يفطره لأنه يستعمله علاجاً لا اعتداء فجرى مجرى الضرورة، وقال الأوزاعي ومالك وداود السعوط لا يفطره إلا أن ينزل إلى حلقه وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم: "بالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً" فيرفق وهذه الحشية للفطر فأما إذا أوصل إلى ما ليس بجوف وإن كان له حكم الباطن لا يفطره مثل جراحه في فخذه أو يده فأوصل إلى باطنه شيئا وإن أوصل إلى باطن العظم حيث يكون فيه المخ وكذلك لو اقتصد وأوصل المبضع إلى باطن العرق ولو أوصل بالسعوط إلى باطن الأنف ولم يتصعد إلى جوف الرأس لا يفطره بخلاف [322 أ/4] ما لو غيب في إحليل الذكر فإنه يفطره، والفرق أن ذلك جوف بدليل أنه لو جرح جراحة وصلت إلى جوف الذكر كانت جائفة فوجب ثلث الدية ولو أجاف أنف رجل أو جلدة خده حتى وصل إلى فمه يجب الحكومة على الصحيح من المذهب ولو جرح نفسه بالسكين أو جرحه غيره باختياره حتى وصل إلى جوفه فطره، وقال أبو يوسف ومحمد وداود: لا يفطره. وقال أبو حنيفة: إن وصلت الطعنة إلى الجانب الآخر فطره وإلا فلا يفطره وهذا غلط لما ذكرنا. ولو صب في أذنه شيئا فوصل إلى الدماغ بطل صومه لأن الدماغ هو أحد الجوفين على ما ذكرنا/ ولو لم تصل إلى الدماغ بأن أدخل أصبعه أو خشبة للحك لا يبطل صومه، وإن غاب عن رأى العين.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يفطره أصلا لأنه لا منفذ من الأذن إلى الدماغ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015