قبله أو بيوم بعده لم يكره لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يصومن أحدكما يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله او يصوم بعده"، وروي عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: "صمت أمس قالت: لا قال: وتريدين أن تصومي غداً قالت: لا قال: فأفطري" (?).
وروي عن محمد بن عباد بن جعفر أن رجلا سأل جابر بن عبد الله وهو يطوف فقال أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الجمعة قال: نعن ورب هذا البيت" (?)، وبهذا القول قال أحمد وإسحاق وأبو يوسف واختاره ابن المنذر. وقال بعض أصحابنا: هذا خلاف ما حكاه المزني عن الشافعي، وفي التحقيق مذهب الشافعي أن معنى النهي فيه أن يضعف عن حضور الجمعة والدعاء فيها فإن كان هكذا فإنه يكره له صومه وإلا فلا بأس، ومن أصحابنا من قال: إنما يكره لأنه يوم عيد كيوم الفطر وهذا [320 ب/4] ليس بشيء ولا يكره إقرار عيد من أعياد أهل الملل بالصوم كيوم الشعانين وفصح النصارى وفطر اليهود ويم النيروز ويوم المهرجان. مسألة: قال (?): وإن بلع حصاة أو ما ليس بطعام.
الفصل
وهذا كما قال الصائم إذا أكل أو شرب ما يعتاد أكله أو شربه أفطر بلا خلاف وإن أكل ما لا يؤكل في العادة أو شرب ما لا يشرب في العادة كابتلاع الحصاة أو الزجاجة أو التراب أو التبن، ونحو ذلك أفطر وبه قال العلماء. وروي عن أبي طلحة الأنصاري أنه كان يستف البرد في الصوم ويقول: هذا ليس بطعام أو شراب وهذا غلط لقول تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187]، والصيام هو الإمساك عن كل شيء ولأنه ذاكر لصومه وصل إلى جوفه باختياره ما يمكنه الاحتراز عنه فيفطره كالمعتاد.
مسألة: قال (?): ولو احتقن أو داوى جرحه حتى وصل إلى جوفه.
الفصل
وهذا كما قال: الحقن يفطر الصائم وقال مالك: إن كان كثيرا فطر وإلا فلا، وقال الحسن بن صالح وداود: لا يفطر به وإنما يفطر بما يصل إلى جوفه من فمه وهذا غلط لأنه وصل إلى جوفه باختياره مع ذكر الصوم ما يمكن الاحتراز منه فيفطره كما لو وصل من الفم فإن قيل: أليس قلتم: إنه لو حقن الصبي باللبن [321 أ/4] لا يثبت الحرمة في أحد القولين، فما الفرق؟ قلنا: الفرق هو أن الرضاع لإنبات اللحم وانتشار العظم وذلك لا يحصل بالحقنة والفطر لوصول الواصل إلى حرف الجوف وقد وصل.