الوجوب قولان أحدهما: تكون الرقبة عليهما وعلى الزوج تحملها عنها في ماله لأنهما اشتركا في هتك حرمة الصوم فاشتركا في وجوب الكفارة وهو ظاهر قول الشافعي عنه وعنها، والثاني: يكون عن الزوج خاصة ولا مدخل لها في وجوب هذه الكفارة كما لا مدخل لها في وجوب المهر وهو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: إنما لا تجب الكفارة عليها بالجماع لن فطرها سبق جماعها وهذا لا يصح لأنه يتصور فطرها بالجماع من ثلاثة [286 ب/4] أوجه:
أحدها: أن تكون نائمة فتنبهت بعد الإيلاج ومكثت على الجماع.
والثاني: أن تكون ناسية للصوم فتتذكر في أثناء الجماع وتمكث عليه.
والثالث: أن يكرهها في الابتداء ثم ترضى، فأول الإيلاج ما حصل به الفطر وإنما حصل بدوامه وقول الشافعي عنه وعنها أراد يجري عن فعله فعلها فلا يجب شيء آخر، وقيل: حصل ثلاثة أقوال: أحدها: كفارتان، والثاني: كفارة عنهما، والثالث: كفارة عليه خاصة وقال والدي رحمه الله قول التحمل باطل لأنه لو صح لوجبت كفارتان تامتان، ألا ترى أنه لما تحمل زكاة الفطر عنها يجب صاعان صاع عن نفسه وصاع عنها ويستحيل إيجاب نصف رقبة ثم تحمله وهو على ما ذكر، وقال القفال في كيفية التحمل: وجهان:
أحدهما: أنه يجب نصف الكفارة عليها ويتحمل الباقي.
والثاني: على كل واحد منهما كفارة تامة ثم يتحمل عنها ثم يتداخلان وهذا ضعيف لأن التداخل لا يجري في الكفارة عندنا، وذكر بعض أصحابنا بالعراق: أنه يجب على كل واحد منهما كل الكفارة ولكن إذا أخرجها الزوج [287 أ/4] سقطت عنها كما لو كان عليها دين هو ألف وضمنه الزوج عنها فالدين متعلق بكل واحدة من الذمتين فإذا أدى ذلك برئت الذمتان، كذلك هاهنا فإذا قلنا: لا يجب عليها أصلًا تعتبر حالة فيها فإن كان واجدًا للرقبة أعتقها، وإن لم يكن واجدًا لها صام شهرين متتابعين، وقال ابن أبي ليلى: يجوز متفرقًا فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا وهذه الكفارة هي على الترتيب عندنا، وحكي عن الحسن البصري أنه قال: يتخير بين أن يعتق أو ينحر بدنة لما روى ابن المسيب مرسلًا "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي بعد الرقبة هل تستطيع أن تهدي بدنة فقال: لا" وهذا غير مشهور فلا يعتمد عليه، وقال مالك: على التخيير بين هذه الثلاثة واحتج بما روي في خبر الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "أعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين أو أطعم ستين مسكينًا" ولأنها كفارة تجب بالمخالفة في موجب عقد فكانت على التخيير ككفارة اليمين وهذا غلط للخبر الذي روينا وروايته اختصار من خبرنا بعينه ولأنها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكانت مرتبة [287 ب/4] ككفارة القتل، وليست كاليمين ولأنها خفف الأمر فيها بقلة المقدار وغيرها فخفف بالتخيير أيضًا وإذا قلنا بقول التحمل فلا يخلو حالهما من أحد أمرين: إما أن يتفقا أو يختلفا فإن اتفقا نظر فإن كان من أهل العتق أعتق الزوج رقبة واحدة تجزي عنهما ويقع حكمنا