أن يكون عليه القضاء ولكل وجه وأن يصوم أحب إلّي فأومأ إلى قولين، أحدهما: لا قضاء [285 أ/4] وهو بعيد ولا فرق بين أنواع الكفارة ففيه وجهان أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي بالكفارة ولم يأمره بالقضاء، والثاني: يلزمه القضاء وقد روي أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: "وصم يومًا مكانه" والصحيح أن المسألة على قول واحد يلزمه القضاء، وقال بعض أصحابنا: إن كفَّر بالعتق والإطعام يلزمه وإن كفَّر بالصيام فقولان ووجه أن قضاء اليوم دخل في صوم شهرين. وهذا غلط لأن هذا من مذهب الأوزاعي ولا يصح، لأن الصوم نوع من أنواع الكفارة فوجب معه القضاء كالعتق، ولأن هذا الصوم وقع عن الكفارة فيستحل أن يدخل فيه قضاء رمضان وتجب الكفارة وهي عتق رقبة، ولا فرق بين الزنا وغيره.
وقال سعيد بن جبير، وقتاده، والشعبي، والنخعي: لا تلزم الكفارة كما في الأكل، وحكي عن سعيد بن جبير أنه إذا زنى لا كفارة وإذا ....... (?) ورد من وطئ الزوجة، وهذا غلط لخبر الأعرابي المذكور في المختصر وتمامه وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا [285 ب/4] في المسجد يومًا بين أصحابه إذ أقبل أعرابي ينتف شعره ويضرب صدره ويقول: ألا هلك الأبعد ألا هلك الأبعد يريد نفسه حتى دخل المسجد فدنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك يا أعرابي"، فقال: هلكت وأهلكت، فقال: "ماذا فعلت" فقال: واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال: "أعتق رقبة" فضرب يده على رقبته وقال: والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها، فقال: "صم شهرين متتابعين" فقال: وهل أتيت إلا من الصوم أي: هل وقع إلا من قلة الصبر من الصوم، فقال له عليه الصلاة والسلام: "أطعم ستين مسكينًا". فقال: لا أجد، فقال له: "اجلس" فجلس فأتى بعرق فيه تمر فقال: "خذها فتصدق بها" فقال: أعلى أهل بيت أحوج من أهل بيتي، فوالله ما بين لابتيها - أي جبلي المدينة - أهل بيت أحوج من أهل بيتي، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال له: "كل وأطعم عيالك" فحمل الأعرابي المكتل على كاهله ورجع إلى قومه وقال لهم: خوفتموني من محمد فقد ذهبت وأعطاني هذا التمر (?). فإذا تقرر هذا فالكلام الآن في قدر الكفارة وفيمن تجب [286 أ/4] عليه فأما قدر الكفارة قال في "القديم": كفارة واحدة وهو الصحيح لأنه صلى الله عليه وسلم أوجب كفارة واحدة، وبه قال أحمد وقال في الإملاء: يجب كفارتان كفارة عليه وكفارة عليها، وحكي عن ابن أبي هريرة من أصحابنا أنه قال: قال الشافعي: هذا في مناظرة جرت بينه وبين مالك وليس بمشهور وهو قول أبي حنيفة ومالك وأبي ثور واختاره ابن المنذر وروي هذا عن أحمد، وإذا قلنا: تجب كفارتان فعلى كل واحد منهما أن يكفر عن نفسه على حسب حاله من عتق أو صيام أو إطعام وإذا قلنا: كفارة واحدة ففي كيفية