وعائشة وزيد بن ثابت وأبو الدرداء وأبو ذر رضي الله عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يفطرون الصائم الحجامة والقيء والاحتلام" (?) وكذلك الحائض إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل حتى أصبحت صح صومها وليس من شرط الصوم الطهارة لا من الحدث ولا من الجنابة ولا من الحيض وحكي عن أبي هريرة وسالم بن عبد الله والحسن بن صالح بن حي يبطل صومه إذا أصبح جنبًا من جماع وبه قال [273 ب/4] الشيعة، وقال طاوس وعروة: إن كان علم بجنابته ففرط في الاغتسال حتى أصبح لم يصح صومه، وإن لم يعلم حتى أصبح لم يجب قضاؤه وقال النخعي يجزيه في التطوع ويقضي في الفريضة، واجتجوا بما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح جنبًا فلا صوم له" (?) وهذا غلط لما روي خبر عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله يصبح جنبًا من جماع (?)، ثم يصوم" أي: كان لا يحتلم فإن الأنبياء لا يحتلمون.

وأما خبر أبي هريرة قلنا: روي أن عائشة لما روت هذا الخبر رجع أبو هريرة وقال: أخبرني به الفضل بن عباس وروي أن عيسى بن أبان طعن فيه وقال: روى أبو هريرة خبرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما روجع فيه أحال به على ميت يعني على الفضل، فإنه كان يومئذٍ ميتًا وهذا الطعن فيه أحق لأنه ثبت كثير من أحكام الشرع برواية أبي هريرة ولم يقل هو سمعت النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون بقوله سمعت الفضل مناقضًا للأول بل قال: من أصبح جنبًا أفطر قاله محمد ورب الكعبة [274 أ/4] وهذا يحتمل أنه ذكر ذلك برواية الفضل، وروي عن جابر رضي الله عنه قال: ليس كل ما يروى سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن سمع بعضنا بعضًا ونحن لا نكذب وروي أن مروان بعث إلى أبى هريرة أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من غير احتلام ثم يصوم فقال: "أهما قالتاه، قال: نعم، قال: فهما أعلم" (?) ويحتمل أنه منسوخ فإن الخبرين إذا تعارضا ولم يعلم التاريخ ورأينا الصحابة تلقوا أحدهما بالقبول وعملوا به دل على أنه ناسخ للحديث الآخر الذي تركوه أو يكون تأويله من أصبح مجامعًا أفطر وقد يسمى الشيء باسم ما هو سبب فسمى الجماع جنابة وهذا بعيد.

مسألة: قال (?): وَإنْ كَانَ يَرَى الفَجْرَ لَمْ يَجِبْ وَقَدْ وَجَبَ أَوْ يَرَى أنَّ اللَّيْلَ قَدْ وَجَبَ وَلَمْ يَجِبْ أعاد.

وهذا كما قال: إذا أكل ظانًا أن الشمس قد غربت ولم تكن قد غربت يلزمه القضاء بلا خلاف على المذهب، وبه قال عامة الفقهاء، وقال إسحاق وأهل الظاهر: لا قضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015