كل من تعلم الْقُرْآن أَن يكون فَقِيها فَمن حفظه قبل بُلُوغه ثمَّ فرغ إِلَى مَا يَسْتَعِين بِهِ على فهمه من لِسَان الْعَرَب كَانَ لَهُ ذَلِك عونا كَبِيرا على مُرَاده مِنْهُ وَمن سنَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ينظر فِي نَاسخ الْقُرْآن ومنسوخه وَأَحْكَامه وَيقف على اخْتِلَاف الْعلمَاء واتفاقهم فِي ذَلِك وَهُوَ أَمر قريب على من قربه الله سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ ثمَّ ينظر فِي السّنَن المأثورة الثَّابِتَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبها يصل الطَّالِب إِلَى مُرَاد الله عز وَجل فِي كِتَابه وَهِي تفتح لَهُ أَحْكَام الْقُرْآن فتحا وَفِي سير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنْبِيه على كثير من النَّاسِخ والمنسوخ فِي السّنَن وَمن طلب السّنَن فَلْيَكُن معوله على حَدِيث الْأَئِمَّة الثِّقَات الْحفاظ الَّذين جعلهم الله تَعَالَى خَزَائِن لعلم دينه وأمناء على سنَن رَسُوله ص كمالك بن أنس الَّذِي اتّفق الْمُسلمُونَ طرا على صِحَة نَقله ونقاوة حَدِيثه وَشدَّة توقيه وانتقاده وَمن جرى مجْرَاه من ثِقَات عُلَمَاء الْحجاز وَالْعراق وَالشَّام كشعبة بن الْحجَّاج وسُفْيَان الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر وَسَائِر أَصْحَاب ابْن شهَاب الثِّقَات كَابْن جريج وَعقيل وَيُونُس وَشُعَيْب والزبيدي وَاللَّيْث وَحَدِيث هَؤُلَاءِ عِنْد وهب وَغَيره وَكَذَلِكَ حَدِيث حَمَّاد بن زيد وَحَمَّاد بن سَلمَة وَيحيى ابْن سعيد الْقطَّان وَابْن الْمُبَارك وأمثالهم من أهل الثِّقَة وَالْأَمَانَة فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّة الحَدِيث وَالْعلم عِنْد الْجَمِيع وعَلى حَدِيثهمْ اعْتمد المصنفون فِي السّنَن الصِّحَاح كالبخاري وَمُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَمن سلك سبيلهم كالعقيلي وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن السكن وَمن لَا يُحْصى كَثْرَة وَإِنَّمَا صَار مَالك وَمن ذكرنَا مَعَه أَئِمَّة عِنْد الْجَمِيع لِأَن علم الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي أقطار الأَرْض انْتهى إِلَيْهِم لبحثهم عَنهُ رَحِمهم الله تَعَالَى وَالَّذِي شَذَّ عَنْهُم يسير نزر فِي جنب مَا عِنْدهم

أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الرحمن حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن بكر بن عمرَان حَدثنَا الْحُسَيْن بن أَحْمد الْأَزْدِيّ حَدثنِي هارن بن عِيسَى حَدثنَا أَبُو قلَابَة عبد الملك بن مُحَمَّد الرقاشِي قَالَ سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ يَقُول دَار علم الثِّقَات على سِتَّة اثْنَيْنِ بالحجاز واثنين بِالْكُوفَةِ واثنين بِالْبَصْرَةِ فَأَما الَّذين بالحجاز فالزهري وَعَمْرو بن دِينَار واللذان بِالْكُوفَةِ أَبُو إِسْحَق السبيعِي وَالْأَعْمَش واللذان بِالْبَصْرَةِ قَتَادَة وَيحيى بن أبي كثير ثمَّ دَار علم هؤلا على ثَلَاثَة عشر رجلا ثَلَاثَة بالحجاز وَثَلَاثَة بِالْكُوفَةِ وَخَمْسَة بِالْبَصْرَةِ وَوَاحِد بواسط وَوَاحِد بِالشَّام فَالَّذِينَ بالحجاز ابْن جريج وَمَالك وَأحمد بن إِسْحَق وَالَّذين بِالْكُوفَةِ سُفْيَان الثَّوْريّ وَإِسْرَائِيل وَابْن عُيَيْنَة وَالَّذين بِالْبَصْرَةِ شُعْبَة وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَهِشَام الدستوَائي وَمعمر وَحَمَّاد بن سَلمَة وَالَّذِي بواسط هشيم وَالَّذِي بِالشَّام الْأَوْزَاعِيّ قَالَ أَبُو عمر وَلم يذكر حَمَّاد بن زيد مِنْهُم لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ استنباط فِي شَيْء من علمه وَحَمَّاد بن سَلمَة وَشعْبَة مثله

وَمِمَّا يستعان بِهِ على فهم الحَدِيث مَا ذَكرْنَاهُ من العون على كتاب الله تَعَالَى وَهُوَ علم لِسَان الْعَرَب ومواقع كَلَامهَا وسعة لغتها واستعارتها ومجازها وَعُمُوم لفظ مخاطبتها وخصوصها وَسَائِر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015