وتقليدهم اتِّبَاع لَهُم ففاعله مِمَّن رَضِي الله عَنهُ وَيَكْفِي فِي ذَلِك الحَدِيث الْمَشْهُور أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود من كَانَ مستنا فَليَسْتَنَّ بِمن قد مَاتَ فَإِن الْحَيّ لَا يُؤمن عَلَيْهِ الْفِتْنَة أُولَئِكَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبر هَذِه الْأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اخْتَارَهُمْ الله لصحبة نبيه ص وَإِقَامَة دينه فاعرفوا لَهُم حَقهم وتمسكوا بهديهم فَإِنَّهُم كَانُوا على الْهدى الْمُسْتَقيم وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي وَقَالَ اقتدوا بالذين من بعدِي أبي بكر وَعمر واهتدوا بِهَدي عمار وتمسكوا بِعَهْد ابْن أم عبد وَقد كتب عمر إِلَى شُرَيْح أَن اقْضِ بِمَا فِي كتاب الله فَإِن لم يكن فِي كتاب الله فبسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن لم يكن فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاقْض بِمَا قضى بِهِ الصالحون وَقد منع عمر من بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَتَبعهُ الصَّحَابَة وألزم بِالطَّلَاق الثَّلَاث واتبعوه أَيْضا واحتلم مرّة فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن الْعَاصِ خُذ ثوبا غير ثَوْبك فَقَالَ لَو فعلتها صَارَت سنة وَقد قَالَ أبي بن كَعْب وَغَيره من الصَّحَابَة مَا استبان لَك فاعمل بِهِ وَمَا اشْتبهَ عَلَيْك فكله إِلَى عالمه وَقد كَانَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم يفتون وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ بَين أظهرهم وَهَذَا تَقْلِيد لَهُم قطعا إِذْ قَوْلهم لَا يكون حجَّة فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ تَعَالَى {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون} فَأوجب عَلَيْهِم قبُول ماأنذروهم بِهِ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم وَهَذَا تَقْلِيد مِنْهُم للْعُلَمَاء
وَصَحَّ عَن ابْن الزبير أَنه سُئِلَ عَن الْجد والأخوة فَقَالَ أما الَّذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كنت متخذا خَلِيلًا من أهل الأَرْض لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا فَإِنَّهُ أنزلهُ أَبَا وَهَذَا ظَاهر فِي تَقْلِيده لَهُ وَقد أَمر الله سُبْحَانَهُ بِقبُول شَهَادَة الشَّاهِد وَذَلِكَ تَقْلِيد لَهُ وَجَاءَت الشَّرِيعَة بِقبُول قَول الْقَائِف والخارص وَالقَاسِم والمقوم للمتلفات وَغَيرهَا والحاكمين بِالْمثلِ فِي جَزَاء الصَّيْد وَذَلِكَ تَقْلِيد مَحْض وَاجْتمعت الْأمة على قبُول قَول المترجم وَالرَّسُول والمعرف والمعدل وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز الِاكْتِفَاء بِوَاحِد وَذَلِكَ تَقْلِيد مَحْض لهَؤُلَاء وَأَجْمعُوا على جَوَاز شِرَاء اللحمان وَالثيَاب والأطعمة وَغَيرهَا من غير سُؤال عَن أَسبَاب حلهَا وتحريمها اكتفاءا بتقليد أَرْبَابهَا وَلَو كلف النَّاس كلهم الِاجْتِهَاد وَأَن يَكُونُوا عُلَمَاء لضاعت مصَالح الْعباد وتعطلت الصَّنَائِع والمتاجر وَكَانَت النَّاس كلهم عُلَمَاء مجتهدين وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيل إِلَيْهِ شرعا وَالْقدر قد منع من وُقُوعه
وَقد أجمع النَّاس على تَقْلِيد الزَّوْج للنِّسَاء اللَّاتِي يهدين إِلَيْهِ زَوجته وَجَوَاز وَطئهَا تقليدا لَهُنَّ فِي كَونهَا هِيَ زَوجته وَأَجْمعُوا على أَن الْأَعْمَى يُقَلّد فِي الْقبْلَة وعَلى تَقْلِيد الْأَئِمَّة فِي الطَّهَارَة وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة وَمَا يَصح بِهِ الِاقْتِدَاء وعَلى تَقْلِيد الزَّوْجَة مسلمة كَانَت أَو ذِمِّيَّة أَنَّهَا قد طهرت من