معنى الامتناع من القول إن الله تعالى [يعلم] التفصيل؟ وهذا هو غاية التفصيل، وإن قال إن الله سبحانه لا يعلم ذلك.
قيل له: فهذا معلوم أثبته، والله سبحانه جاهل به، [فإذا صح] جهله بهذا المعلوم صح جهله بمعلوم آخر، وما الفرق بين معلوم، ومعلوم؟
وأيضًا فيقال له أليس (ال ...) على ما هي عليه من الصفات، وهو خالق هذا الذلا (...) واحد (عل ... تع) وأنت تستدل على (...) (ص 42) للذات، وعلى كونه عالما بأحكامها، وعلى كونه مريدا بتخصيصها بما اختصت به من الأوصاف.
فإذا كان لا يعلم سبحانه هذه الأوصاف التي بها انفصلت الذوات بعضها من بعض، فيستحيل أن يريدها، لأنه محال عند كل عاقل أن يريد الشيء من لا يعلمه وإذا كان غير عالم بها، ولا مريدا لها، وهو صانعها تعالى، فبما أنكرت أن يدل خلق السموات والأرض على كونه عالمًا بها، مريدًا لها، وإن كان صانعها وكيف لا يعلم من خلق؟.
وهكذا اضطره هذا إلى أنه سبحانه عالم بها، فلا شك في أنه علم ذلك على التفصيل، وإن ركب أنه غير عالم بها، ولا مريد، فسد دلالة هذا العلم على كون سبحانه عالمًا مريدًا، وإذا ثبت صحة تعلق القدرة عنده بهذه الآحاد وإن كانت لا تتناهى، فكيف يتصور عاقل منع تعلق العلم بذلك؟ وهل القدرة والعلم لا تتساويان في مثل هذا؟ والمعنى الذي استبعد منه تعلق العلم يوجب القدرة، وإثبات المقادير يرفع نفي التناهي تناقض، وتدير عليه تقسيما منحصرا بين نفي وإثبات.
وهو قد سلم أنه أصح دليل في سائر العقليات، فنقول: هذا الذي استرسل عليه علم الله سبحانه هل يخرج منه شيء إلى الوجود أو لا يخرج؟ فإن قال لا يخرج أثبت تناهي نعيم أهل الجنة، وقد أخبر الشرع بخلافه، وإن قال لابد أن يخرج، قيل له فإن خرج منها عددان أو ثلاثة، فهل البارئ سبحانه عالم بها على التفصيل أو يعلمها على غير التفصيل؟