أنكر الإعادة فقال: (كما بدأنا أول خلق نعيده)، وقال: (أو ليس الذي خلق * السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) (فل ...) تصوير عبارة، [هذا] النوع من الاستدلال يناسب (...) يفتقر إلى بسط ودقيق (...) (ص 32) على علة كونه متحركا، ومنها ما يبنى فيه الضروري على النظري، ومثله بأن العلم بأن الجسم لا يخلو من حوادث لها أول تعلم بدقيق النظر، ينتج عنه علم ضروري، وهو أن ما لا يخلو عن الحوادث حادث.
وأنت إذ تدبرت ما بيناه أولا من كون الثاني سماه نتيجة، كأنه الأول بعينه، تبينت في هذا المثال ما قدمناه هناك، لكن قد علم الخلاف بين أصحابنا في جواز بناء العلوم الضرورية على النظرية، فمن جوز ذلك استدل بأن العلم باستحالة اجتماع الضدين يعلم بالضرورة وثبوت الضدين يعلم بالنظر.
وأجيب عن هذا بأن الضدين يعلمان أيضًا بالضرورة، وإنما جهل نفاة الأعراض مغايرتها للجسم، وركب بعضهم أن إحالة الاجتماع يعلم نظرا، لأن القائلين بالكمون والظهور جوزوا اجتماع هذين الضدين وإنما سلموا اجتماع حالتيهما النقيضين.
واعتمد هؤلاء المنكرون لبناء الضروري على النظري بأن النظري يصح الشك فيه، والضروري لا شك فيه، ومن المحال نفي الشك عن الفرع مع الشك في الأصل، وكذلك أيضًا بين أئمتنا اختلاف في صحة بناء ضروري على ضروري، فمن أجازه قال ذلك خلق الله سبحانه يخلق ما يشاء من غير استناد، وأجاز القاضي ذلك، ويمثل بأن الله سبحانه لو خلق لنا علما ضروريًا به، لافتقر إلى علم آخر ضروري، وهو علمنا بأنفسنا، إذ لا يعلم ربه من لا يعلم نفسه.
حكى أبو المعالي عن الأئمة أنها مرتبة عشر مراتب، العلم بالنفس وما فيها من لذة أو ألم، ثم العلم بما يستحيل كاجتماع الضدين، ثم العلم بالمدركات، المرئيات وغيرها. وبين هؤلاء اختلاف في المدركات على أربعة أقوال: