وأما ما أشار إليه أبو المعالي من كون العقد التقليدي المصيب مثل الجهل، واستدل على ذلك بأن من سبق إلى نفسه أن زيدا في الدار، وهو ليس بها، وتمادي معتقدا لذلك إن دخل زيد الدار، فقد تبادل العقد، ولم يتبدل حال المعتقد، ولا أحس من نفسه اختلاف حالين عليه، وإن اختلف أحوال زيد، وما ذاك إلا لكون العقد التقليدي المصيب، والجهل سيان، وأغلى في هذا حتى أخذ في العذر عن ابن الجبائي، وذكر أن قوله في كتابه: إن العقد الصحيح والجهل مثلان، مراده به العقد التقليدي، ولم يرد به أن العلم والجهل مثلان، وغلط من نقل ذلك عنه.
وهذا الذي قاله مطلوب، أما كلام الرجل فوق مطلقا، وقد نفى أبو المعالي عنه وعن غيره من المعتزلة في كتابه المترجم بالبرهان، أنهم يرون تماثل العلم والجهل، هب أنه تأول قوله هذا فما يصنع بما حكاه عن غيره من المعتزلة؟
وأما اعتماده على أن حال المعتقد لا يختلف عليه، وإن اختلف المعتقد فغير مسلم عندي، لكن الكلام فيه يدق، ويفتقر إلى بسط، ونظر في أحكام التماثل وحقائق المتعلقات، وهذا إنما ينبسط في فن [الكلام. وأما] إن زيدا في الدار، وزيد ليس بها، فلا شك في كون هذا جهلا، فإذا أبصر هذا المعتقد زيدا دخلها فلا شك في كون (ا ...) والفرق محسوس في النفس لما شاهدت أسبابه وأما إذا دخل زيد الدار، والمعتقد غير عالم بما حدث فإنما هو (يا ...) الأول مكتسب لتجديده على ما كان عليه، فالثاني ليس باعتقاد لأمر مستأنف، ولا لمعنى مغاير للأول ولو (اعت ...) لكان هذا العرض الأول باقيا بعينه لا يرتفع، وإن دخل زيد الدار إذا لم يخطر المعتقد أنه قد دخلها، لكن لو شاهده (...) لاستحال فرض بقاء العرض الأول، لحدوث معنى مضاد للأول لا يصح اجتماعه معه، وقد فرضنا أن الاعتقاد التقليدي لم يحدث (...) الأول بل يصح بقاؤه