(...) سلام فهو على (...) ([من يرد الله أن] يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء) (... كة) عن الاعتقاد (...) (ص 25) وربط الخاطر.
ثم فرق ما بينه وبين الشك والظن: التردد فحصل معناه ربط الخاطر بأمر من غير تردد، ثم فرق ما بينه وبين الجهل ما قدمناه من الإصابة، والخطأ فتزيد في الفروق أن تقول على جهة الصواب، ثم فرق بينه وبين العقد التقليدي المصيب ترك الإصغاء إلى من حاول التمويه عليه بأن يشك، وأن لا يتشوف إلى مزيد بحث وبيان، وأن تنشرح النفس انشراحا لا يجد بعده تكلف ربط النفس، فتزيد هذه الفروق أو أحدها فيما قدمناه، فيكون ذلك تعليما بحقيقة العلم وحده الذي فارق به ما سواه.
ولأبي المعالي في هذا الفصل كلام أقفله فانبهم على القارئ معناه، وذلك أنه لما ذكر هذه الفروق تخوف من معارضة، وهي أن الإنسان الذي تقرر في نفسه محال ثبوت أمر لا موجود ولا معدوم وعلم ذلك علما ضروريًا عند نفسه، ثم سمع أئمة يقتدى بهم يقولون له إنك متى نفيت الأحوال، وهي أمور لا توصف بالوجود ولا بالعدم، انسد عليك إثبات صفات الله سبحانه، ولم تعلم أنه عالم بعلم، ولا قدر بقدرة على حسب ما قال به بعض الأئمة، المقتدى بهم في هذا الفن، فهذا إذا كان مما يعتقد وجوب تقليد من أخبر بذلك، ويتخوف إن لم يعتقد ثبوت الحال أن يقع في نفي الصفات، فصمم على اعتقادها تقليدا، فلا شك أنه تثور في نفسه ثوائر يتخيلها تشككا فيما علمه ضرورة من استحالة ثبوت أمر لا موجود ولا معدوم، وهذا إن ثبت كونه شكا قدح في ما قلناه من الفروق. فاعتذر أبو المعالي عن هذا، فإن الذي يجده هذا المسكين في نفسه ليس بتشكك في العلم اليقين الذي عنده، ولكنه مجاهدة لنفسه في التعامي عنه وتناسيه، لئلا يتشوش عليه اعتقاده التقليدي.
وأنت إذا قرأت هذا الفصل الذي أورده أبو المعالي في باب حد العلم في آخر كلامه عليه، وقرأت كلامنا هذا تبينت أنه لا يكاد يستبين معنى هذا الذي بيناه إلا بعد كد الخاطر فيه [ممن] ارتاض بالحقائق.