التأويل، ويشتغل بالظواهر فينظر في التقدمة من ناحية المراتب والتأويل، والنصوص يشتغل [فيها] بالنظر في التقدمة من ناحية المراتب، لا من ناحية التأويل.
واعلم أن المجمل لا يستدل به في قطعي ولا ظني لا عقلي، ولا شرعي، لعدم تحقيق معناه. وأما النصوص فيستدل بها في الشرعيات الظنيات على الإطلاق، في الشرعيات أيضا القطعية إذا كان النصوص قطعية. وأما الاستدلال بها في العقليات فلا يصح إلا في كل معلوم يصح أن يعلم صدق الرسل قبل العلم به. وقد استدل ابن الجبائي بها على التوحيد، وهو معلوم عقلي، ولعله قدره مما يمكن أن يعلم صدق الرسل قبله.
وأما الظواهر فإنها يستدل بها في الظنيات لا في القطعيات، لأن الظاهر إنما يفيد ظنا، بأن المعنى المشار إليه هو المراد، والقطع على ذلك يضاد الظن به، لكون العلم والظن ضدين.
وأما الظنيات الفقهيات فيستدل بالظواهر فيها، وذلك إجماع من السلف، وكل من سمع أخبارهم وتتبع آثارهم علم منهم أنهم كانوا يستدلون في مسائل الفقه بظواهر القرآن، وأحاديث النبي عليه السلام، لا يصدهم عن ذلك أدنى احتمال يعرض في الكلام. وكذلك أيضا قد [علم] من سيرهم ومذاهبهم تسويغ تأويل الظواهر لمن تأولها، والنظر في طرق تأويله، ومحاجته عليها، حتى يتبين له أنه الأقرب والأولى خلاف المعنى الذي ظنه بالكلام، أو يسلم له ما فهم وظن، ولكن لا يسوغ الحكم في التأويل، وبناؤه على الافتراض ويترسخ بالبال، من غير أن يعضد بترجيح واستدلال من طرق الترجيح، ومعاني هذا الاستدلال سترد فيما بعد إن شاء الله.
واستدعى الكلام على هذا الفصل ذكر مسائل بأعيانها تنازع الفقهاء في تأويل الظواهر فيها، فاحتيج إلى التنبيه على ما قوي من تأويلهم (ص 165) فيها، وما ضعف، ليكون ذكر التنبيه في أعيان المسائل كالتدريب للفقيه على استعمال ما ذكر له، وما سيذكر من أصول الكلام في التأويل.
ذكر أبو المعالي طرق التأويل في مسألة النكاح بغير ولي في حديث واحد، وتشاغل به دون ما سواه، ورأيناه أن نورد هاهنا ما يتعلق بهذه المسألة من الظواهر، وننبه على طرق