ليس بمعنى ذاتي له ولا حقيقة عقلية، وإنما نحد الحقائق وتكشف عن المعنى الذاتي المخصص للشيء مما سواه.
وهذا الذي أنكره عليهم صواب، قوله فيه على إحدى الطريقتين عندنا، من الحدود، راجعة لأنفس المحدودات، وليست بتفاسير، وأما إذا قلنا إنها تفاسير فيصح أن يعبروا عن متبدل بمتبدل آخر أوضح منه، بخلاف أن تكون الحدود راجعة إلى حقائق المحدود الذاتية، فإنا أخبرنا أن هذا المعنى مفقود في الأمر اللسني، وتعرضه أيضا إلى قصر الحد على النفسي دون اللسني يظهر صوابه على أحد القولين عندنا من أن الأمر اللسني إنما يسمى أمرا مجازا، والحدود إنما تنصرف إلى الحقائق.
ألا ترى أن الأمر ينطلق على الأمر القولي وعلى الأمر الشأني، ومنه قوله تعالى: (وما أمر فرعون برشيد) يعني شأنه، لأن تسمية الشأن أمرا مجاز. فلهذا لم يلزم الحاد للأمر التعرض في حده إليه، مع أن قصد أهل هذه الصناعة السؤال عن الأمر القولي، لا الشأني. فكأن السائل عن حد الأمر، وإن أطلق سؤاله مقيد كلامه بقوله: ما حد الأمر القولي؟ فيكون الجواب هو غير تعرض إلى الأمر المجازي صحيحا مطابقا للسؤال.
وذكر أبو المعالي في حده تتميما بمعنى البيان، ولو أسقطه لم يفسد الحد، وهو قوله: بفعل المأمور به، لأن قوله: هو القول المقتضي بنفسه طاعة المأمور، يغنيك عن هذه الزيادة التي هي القول: بفعل المأمور به، ولو قدر أنها تحرز من النهي لكان قد أغنى عن هذا التحرز، قوله: من المأمور به، لأن المأمور غير المنهي.
ونحن إذا قلنا بأحد القولين من أن الأمر اللسني يسمى أمرا حقيقة لم يحسن الاقتصار في الحد على أحدهما، بل من شرط الحد استيعابهما جميعا. كما أن المعتزلي إنما يتعرض لأحدهما، وهو اللسني خاصة، لأنه ينكر الأمر النفسي.
ولما كانت صناعة استخراج الحدود تضمنت اقتضاب الحد من لفظ كالجنس، والفاصلة، وتصور في العقل أن بالاقتضاء يميز الأمر مما سواه من أنواع الكلام كان التحويم على عبارة عن هذه الفاصلة، فذكرنا قول من حد الأمر مما سواه من أنواع الكلام كان التحويم على عبارة عن هذه الفاصلة، فذكرنا قول من حد الأمر بأنه القول: افعل، واشرنا إلى تخطئته، لكون هذه الصيغة ترد، وليست بأمر كورودها من النائم، ومن الحاكي لأمر غيره، ومن المهدد، كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم) ومن المعجم، كقوله: (كونوا حجارة أو