وقد ترد إلى بمعنى "مع"، قال تعالى: (من أنصاري إلى الله) يعني مع الله، وقال تعالى: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) بمعنى مع أموالكم، وقد قيل في هذه الآية إن فيها معنى الغاية، وأن المراد لا تتلفوا أموالكم، وتبلغوا في إتلافها إلى الحاجة إلى أكل مال اليتيم، وقد كنا نحن قدمنا عن ابن جني في إبدال هذه الحروف طريقة بيناها، فمن تأملها نظر في استعمالها في مثل هذه المواضع.
وقد قيل ترد إلى بمعنى "في" كقوله تعالى: (هل لك إلى أن تزكى) معناه هل لك في أن تزكى؟، لأنه لا يقال: هل لك إلى كذا، وإنما يقال هل لك في كذا، وذكرنا نحن فيما تقدم عن ابن جني تقرير معنى هذا الإبدال، وأنه إنما حسن هاهنا، لأن معنى "هل" لك في هذا الموضع: أدعوك، فكأنه قال: أدعوك إلى أن تزكى.
وأما "مذ" و"منذ" فإنهما لابتداء غاية الزمان، كما أن من لابتداء غاية المكان.
وقد ترد من لابتداء غاية الزمان، لأنك تقول: سرت من البصرة إلى الكوفة، ومن الجمعة إلى الجمعة، لكون استعمال "مذ" و"منذ" في الزمان أفصح من استعمال "من" فيه، فقولك: منذ الجمعة أفصح من قولك: من الجمعة.
والأظهر في "مذ" أنها اسم، لدخول الحذف فيها، والحذف لا يكون في الحروف، وإنما يكون في الأسماء، والأظهر في "منذ" أنها حرف، إذ لا حذف فيها.
وأما "على" فتكون حرفا، تقول: لي على زيد مال.
وتكون اسما، تقول: أخذت من على فلان ثوبه، وينشد في هذا البيت المشهور: غدت من عليه بعد ما تم ضمتها .................. وتكون فعلا، ومنه: علا يعلو، قال تعالى: (ولعلا بعضهم على بعض).
وأما حرف "حتى" فإنها ترد لأنحاء شتى: