الشاة، أصوات مسموعة، وليست بكلام، وتحرز أيضا من الكلام الذي لا يفيد، فإنه لا يسمى كلاما على أحد القولين، وإن كان مسموعا.
وأشار أبو المعالي في كتابه إلى اختيار سلبه هذه التسمية فقال: والكلام هو المفيد، فقد أشار بهذا التقييد إلى اختيار أحد القولين، ونحن إن قلنا بالقول الآخر، وهو تسمية ما لا يفيد كلاما، بطل هذا الحد لتقييده بالمفيد، وكذلك تقييد صاحب هذا الحد بقوله: من غير مواضعة يفسد الحد، على أحد القولين أيضا، إذا قلنا إن أصل اللغة اصطلاح، ومواضعه [كما] بيناه على القول بأن أصل اللغة توقيف، وتحرز على هذا القول من المناقضة بصوت الطبل إذا ضربه الأمير عند (...) وكصوت البوق عندنا في بلدنا إذا ضرب بمكان مخصوص، فإنه علم على أن ضاربه رأى مركبا واردا على المدينة (ص 57) من أحد بحريها، وقد صار هذا الصوت عندنا مسموعا مفيدا، وليس بكلام، لأنه أفاد بمواضعة السلطان الأمر بهذا مع المأمور النافخ، في البوق، فالقول بهذا الحد من غير مواضعة يتحرز به من مثل هذا.
وقالت المعتزلة: حد الكلام أصوات مقطعة، وحروف منظومة، وهذا يبطل عليهم بكلام الله سبحانه، وكلام الإنسان في نفسه، من غير أن ينطق به على أصلنا في هذين، وهم ينكرونهما، وقد رد حدهم بأن الكلام يكون حرفا واحدا، تقول: ق إذا أمرت بالوقاية قال تعالى: (وقهم السيئات) وحرف القاف من هذه الكلمة فعل سؤال وطلب، ولو كان من أعلى لأدنى لكان فعل أمر، فقد حصل الكلام من حرف واحد، وهم قد قالوا إنه حروف، وهذا يبطل حدهم، لكونهم اعتذروا عن هذا بأن هذه الأفعال لم ينطق بها إلا موصولة بحرف آخر كقولهم: قه، وعه، وشه، وهذه هاءات للاستراحة، ولابد من النطق بها، فصارت الكلمة من حرفين، وجوابنا عن هذا واستقصاء ما قيل في حدهم مبسوط في كتب الديانات.
وإذا تحقق ما قيل في حد الكلام فقد قسم على أنحاء مختلفة.
أما التقسيم المشهور الأعم فإن الكلام اسم، وفعل، وحرف.
وقد أشار أبو المعالي إلى [أن] الاسم ما دل على معنى المسمى به، وإلى هذا المعنى أشار بعض أئمة النحاة فقال: الاسم ما دل على معنى، غير مقترن بزمن محصل.