قال: قلنا: يتخيل ظاهرًا أنها مثلها.
والفرق: أن بقوله: أنت طالق طلقةً قبلها طلقةً نجز وقوع التي واجهها بها، فوقعت، ثم أقرَّ أنه أوقع قبلها طلقة أخرى، فلزمه حكم إقراره؛ لا أنه أوقع الأخرى بعد ذلك.
بخلاف قوله: طلقة بعد طلقةٍ، فإنه لم ينجز وقوع التي واجهها بها، بل أخَّر وقوع طلقة المواجهة حتى يقع قبلها طلقة، ثم تقع هي بعدها، فهو كما لو قال: إذا أوقعت عليك طلقةً فأنت طالق، لم تقع الثانية إلا بعد الأولى، ومتى وقعت الأولى بانت بها، ولم تلحقها، فافترقا.
قلت: قد ساق أبو البركات في محرره (?) المسألتين، أعني: قوله: أنت طالق طلقةً قبلها طلقة، وقوله: أنت طالق طلقةً بعد طلقة، وجعل الحكم فيهما واحدًا ناقلًا ذلك عن أبي الخطاب (?). ولا ريب أن معناهما متقاربٌ، وقول المؤلف في قوله: طلقةً بعد طلقةٍ: إنه لم ينجز وقوع التي واجهها بها، بل أخَّر وقوع طلقة المواجهة حتى يقع قبلها طلقةً، ثم تقع هي بعدها، فيه نظر،
فإن المطلّق أوقع الطلقة ووصفها بكونها بعد طلقةٍ، فكما قال في طلقةٍ قبلها طلقة: إنه أقر بطلقةٍ سابقةٍ فلزمه حكم إقراره، نقول هنا: إن قوله طلقةً بعد طلقةٍ يقتضي إيقاع طلقةٍ متقدمةٍ على الطلقة المواجهة بها، فيلزمه حكم إقراره.
ويتصور طلقة بعد طلقة، وطلقة قبلها طلقة في حق غير المدخول بها، بأن يكون قد قال لها قبل ذلك: متى قلت لك: أنت طالق فأنت طالق مع القول، فيكون قوله الآن: أنت طالق طلقةً قبلها طلقة، أو هي بعد طلقةٍ، ويريد علَّقتها قبل هذه، فوقعت مع وقوعها، والله أعلم.