بخلاف المرهون، فإن المرتهن يملك حبسه، وذلك يوجب الحجر على راهنه فيه، ولذلك لا ينفذ تصرفه فيه بهبة، ولا إجارة، ولا وقف، ولا إعارة، فلم يجز بيعه، كالمحجور عليه لسفه أو فلس. قاله والدي، قبله السامري (?) رحمه الله.
قلت: الرابع، وهو الَّذي انقدح لي: أن الرهن في الأصل إنما شرع وثيقة للمرتهن على دينه، حيث لم يرض بذمة المدين وحدها، وذلك يوجب حبس العين المرهونة عنده، وعدم جواز تصرف الراهن فيها، إذ لو جُوِّز تصرفه فيها بما يخرجها عن الحبس لبطلت فائدة التوثقة؛ فلهذا لم يجز بيع المرهون.
وهذا بخلاف العبد الجاني، فإن التصرف فيه لا يفوت حق المجني عليه بإمكان استيفاء موجب الجناية، مع انتقاله من مالكه الأول إلى غيره، وذلك لأن وجوب ما أوجبته الجناية في رقبة الجاني كان بإيجاب الشرع، فسواء بقي الجاني على ملك من جنى، وهو في ملكه، أو انتقل عنه.
ولا كذلك تسلط المرتهن على العين؛ لأنه إنما تسلط عليها، وملك حبسها بتسليط الراهن، فلو جوز بيعها جاز تسلط الراهن؛ لانتقالها عنه/، [19/ب] فيزول تسليطه للمرتهن، فيفوت حقه، فافترقا.
فَصْلٌ