أولادكم1 من إملاق نحن نرزقكم وإياهم} فهذا المحرم الثالث وهو قتل الأولاد من الإملاق الذي هو الفقر وهذا السبب غير معتبر إذ لا يجوز قتل الأولاد بحال من الأحوال وإنما ذكر لأن المشركين كانوا يقتلون أطفالهم لأجله وقوله تعالى {نحن نرزقكم وإياهم} تعليل للنهي عن قتل الأولاد من الفقر إذ مادام الله تعالى يرزقكم أنتم أيها الآباء ويرزق ابناءكم فلم تقتلونهم؟ وفي الجملة بشارة للأب الفقر بأن الله تعالى سيرزقه هو وأطفاله فليصبر وليرج، ولا يقتل أطفاله. وقوله تعالى: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} . هذا الأمر الرابع مما حرم الله تعالى، وهو فعل الفاحشة التي هي الزنى وسواء ما كان منه ظاهراً أو باطناً والتحريم شامل لكل خصلة قبيحة قد اشتد قبحها وفحش فأصبح فاحشة قولاً كانت أو فعلاً أو اعتقاداً، وقوله: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق2} هذا هو المحرم الخامس وهو قتل النفس التي حرم الله قتلها وهي كل نفس ما عدا نفس المحارب فإنها مباحة للقتل، والحق الذي تقتل به النفس المحرمة واحد من ثلاثة وهي القود والقصاص فمن قتل نفساً متعمداً جاز قتله بها قصاصاً. والزنى بعد الإحصان فمن زنى وهو محصن وجب قتله رجماً بالحجارة كفارة له، والردة عن الإسلام، وقد بينت هذه الحقوق السنة فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح: "لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة" وقوله تعالى في ختام الآية {لعلكم تعقلون} أي ليعدكم بترك هذه المحرمات الخمس لأن تكونوا في عداد العقلاء، لأن من يشرك بربه صنماً أو يسيء إلى أبويه أو يقتل أولاده أو يفجر بنساء الناس أو يقتلهم، لا يعتبر عاقلاً أبداً إذ لو كان له عقل ما أقدم على هذه العظائم من الذنوب والآثام.
وفي الآية الثانية وهي قوله تعالى {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده3، وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان