والأنصاب1 والأزلام رجس} أي سخط وقذر مما يدعو إليه الشيطان ويزيّنه للنفوس ويحسنه لها لترغب فيه، وهو يهدف من وراء ذلك إلى إثارة العداوة والبغضاء بين المسلمين الذين هم كالجسم الواحد. وإلى صدهم عن ذكر الله الذي هو عصمتهم وعن الصلاة التي هي معراجهم إلى الله ربهم، وآمرتهم بالمعروف وناهيتهم عن المنكر، ثم أمرهم بأبلغ أمر وأنفذه إلى قلوبهم لخطورة هذه المحرمات الأربع وعظيم أثرها في الفرد والمجتمع بالشر والفساد فقال: {فهل أنتم منتهون2؟!} وأمرهم بطاعته وطاعة رسوله وحذرهم من مغبة المعصية وآثارها السيئة فقال {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا} مغبة ذلك ثم أعلمهم أنهم إن تولوا عن الحق بعدما عرفوه فالرسول لا يضيره توليهم، إذ ما عليه إلا البلاغ المبين وقد بلّغ وأما هم فإن جزاءهم على توليهم سيكون جزاء الكافرين وهو الخلود في العذاب المهين. هذا معنى قوله: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحذروا فإن توليتم فاعلموا3 أنما على رسولنا البلاغ المبين} وقوله تعالى في الآية الأخيرة (93) {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا4 وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} فقد نزلت لقول بعض الأصحاب5 لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا رسول الله ما بال الذين ماتوا من إخواننا وهم يشربون الخمر ويلعبون الميسر؟ " أي كيف حالهم فهل يؤاخذون أو يعفى عنهم فأنزل الله تعالى هذه الآية فأعلم أنهم ليس عليهم جناح أي إثم أو مؤاخذة فيما شربوا وأكلوا قبل نزول التحريم بشرط أن يكونوا قد اتقوا الله في محارمه وآمنوا به وبشرائعه، وعملوا الصالحات استجابة لأمره وتقرباً إليه. فكان رفع الحرج عليهم مقيداً بما ذكر. وقوله: {ثم اتقوا ... } كما لا جناح6 على الأحياء فيما طعموا وشربوا قبل التحريم