{يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} : يستر بالتراب جسد أخيه، وقيل: فيه سوءة، لأن النظر إلي الميت تكرهه النفوس، والسوءة: ما يكره النظر إليها.
معنى الآيات:
ما زال السياق القرآني الكريم في الحديث عن يهود بني النضير الذين هموا بقتل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، فالله تعالى يقول لرسوله: واقرأ عليهم قصة ابني آدم هابيل وقابيل ليعلموا بذلك عاقبة جريمة القتل الذي هموا به، توبيخاً لهم، وإظهاراً لموقفك الشريف منهم حيث عفوت عنهم، فلم تقتلهم بعد تمكنك منهم، وكنت معهم كخير ابني آدم، {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً1} ، أي: قرب كل منهما قرباناً لله تعالى فتقبل الله قربان2 أحدهما لأنه كان من أحسن ماله وكانت نفسه به طيبة، {وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ} وهو قابيل؛ لأنه كان من أردأ ماله، ونفسه به متعلقة، فقال لأخيه هابيل لأقتلنك حسداً له –كما حسدتك اليهود وحسدوا قومك في نبوتك ورسالتك- فقال له أخوه إن عدم قبول قربانك عائد إلى نفسك لا إلى غيرك {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ3} للشرك، فلو اتقيت الشرك لتقبل منك قربانك لأن الله تعالى لا يتقبل إلا ما كان خالصاً له، وأنت أشركت نفسك وهواك في قربانك، فلم يتقبل منك. ووالله قسماً به. {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ} ، وعلل ذلك بقوله: {إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} ، أي: أن ألقاه بدم أرقته ظلماً. وإن أبيت إلا قتلي فإني لا أقتلك لأني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك، أي: ترجع إلى ربنا يوم القيامة بإثم قتلك إياي، وإثمك الذي فارقته في حياتك كلها، فتكون بسبب ذلك من أصحاب النار الخالدين فيها الذين لا يفارقونها أبداً، قال تعالى: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} ، {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} أي شجعته عليه وزينته له فقتله {فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ4} النادمين لأنه لم يدر ما يصنع به