فيهن فلا تحرموهن ما لهن من حق في الفراش وغيره فإن الله تعالى يجزيكم بالإحسان إحساناً وبالخير خيراً فإنه تعالى {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} .

هذا ما دلت عليه الآية (128) وأما الآية الثالثة (129) وهي قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ1 فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} فقد تضمنت حقيقة كبرى وهي عجز الزوج عن العدل بين زوجاته اللائي في عصمته، فمهما حرص على العدل وتوخاه فإنه لن يصل إلى منتهاه أبداً، والمراد بالعدل هنا في الحب والجماع. أما في القسمة والكساء والغذاء والعشرة بالمعروف فهذا مستطاع له، ولما علم تعالى هذا من عبده رخص له في ذلك ولم يؤاخذه بميلة النفس، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم هذا قسمي2 فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" والمحرم على الزوج هو الميل3 الكامل إلى إحدى زوجاته عن باقيهن، لأن ذلك يؤدي أن تبقى المؤمنة في وضع لا هي متزوجة تتمنع بالحقوق الزوجية ولا هي مطلقة يمكنها أن تتزوج من رجل آخر تسعد بحقوقها معه، وهذا معنى قوله تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} ، وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصْلِحُوا} أي: أيها الأزواج في أعمالكم وفي القسم بين زوجاتكم وتتقوا الله تعالى في ذلك فلا تميلوا كل الميل، ولا تجوروا فيما تطيقون العدل فيه فإنه تعالى يغفر لكم ما عجزتم عن القيام به لضعفكم ويرحمكم في دنياكم وأخراكم لأن الله تعالى كان وما زال عفواً للتائبين رحيما ًبالمؤمنين.

هذا ما دلت عليه الآية الثالثة، أما الآية الرابعة (130) وهي قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ4 وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً} فإن الله تعالى يعد الزوجين الذين لم يوفقا للإصلاح بينهما لشح كل منهما بماله وعدم التنازل عن شيء من ذلك يعدهما ربهما إن هم تفرقا بالمعروف أن يغني كلا من سعته، وهو الواسع الحكيم. فالمرأة يرزقها زوجاً خيراً من زوجها الذي فارقته، والرجل يرزقه كذلك امرأة خيراً ممن فارقها لتعذر الصلح بينهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015