وَرَائِكُمْ} يريد الطائفة الواقعة تجاه العدو لتحميهم منه {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ1 أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} ، وقوله تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ2 فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} سبق هذا الكلام لبيان علة الصلاة طائفة بعد أخرى والأمر بالأخذ بالحذر وحمل الأسلحة في الصلاة، ومن هنا رخص تعالى لهم إن كانوا مرضى وبهم جراحات أو كان هناك مطر فيشق عليهم حمل السلاح أن يضعوا أسلحتهم فقال عز وجل: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ3} ، وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} تذييل لكلام محذوف ودل عليه السياق قد يكون تقديره فإن الكفار فجرة لا يؤمن جانبهم، ولذا أعد الله لهم عذاباً مهيناً، وإنما وضع الظاهر مكان المضمر إشارة إلى علة الشر والفساد التي هي الكفر.
وقوله تعالى في آية (103) {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا4 اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} فإنه تعالى يأمر المؤمنين بذكره في كل الأحيان لا سيما في وقت لقاء العدو لما في ذلك من القوة الروحية التي تقهر القوى المادية وتهزمها، فلا يكتفي المجاهدون بذكر الله في الصلاة فقط بل إذا قضوا الصلاة لا يتركون ذكر الله في كل حال وقوله تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} يريد إذا ذهب الخوف وحل الأمن واطمأنت النفوس أقيموا الصلاة بحدودها وشرائطها وأركانها تامة كاملة، لا تخفيف فيها كما كانت في حال الخوف إذ قد تصلي ركعة واحد، وقد تصلي إيماء وإشارة فقط وذلك إذا التحم المجاهدون بأعدائهم. وقوله: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} تعليل للأمر بإقام الصلاة فأخبر أن الصلاة مفروضة على المؤمنين وأنها موقوتة بأوقات لا تؤدى إلا فيها.
وقوله تعالى في آية (104) {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} أي: لا تضعفوا في طلب العدو