أن من يقاتل استجابة لأمره تعالى فيقتل، أي: يستشهد أو يغلب وينتصر على كلا الحالين فسوف يؤتيه1 الله تعالى أجراً عظيماً، وهو النجاة من النار ودخول الجنة. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (74) .
أما الآية الثانية (75) فإن الله تعالى بعدما أمر عباده بالجهاد استحثهم على المبادرة وخوض المعركة بقوله: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ2 فِي سَبِيلِ اللهِ} ليعبد وحده ويعز أولياءه {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ3 مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} الذين يضطهدون من قبل المشركين ويعذبون من أجل دينهم حتى صرخوا وجاروا بالدعاء إلى ربهم قائلين: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً} بلى أمرنا ويكفينا ما أهمنا، {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} ينصرنا على أعدائنا، أي: شيء يمنعكم أيها المؤمنون من قتال في سبيل الله، لُيعبد وحده، وليتخلص4 المستضعفون من فتنة المشركين لهم من أجل دينهم؟
ثم في الآية الثالثة (75) أخبر تعالى عباده المؤمنين حاضاً لهم على جهاد أعدائه وأعدائهم بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} لأنهم يؤمنون به وبوعده ووعيده {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} وهو الكفر5 والظلم لأنهم لا يؤمنون بالله تعالى ولا بما عنده من نعيم، ولا بما لديه من عذاب ونكال {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} وهم الكفار، ولا ترهبوهم {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ} وما زال {ضَعِيفاً} ، فلا يثبت هو وأولياؤه من الكفرة، أمام جيش الإيمان أولياء الرحمن.