معنى الآيات:
لما أمر تعالى بصلة الأرحام وحرم قطعها في الآية السابقة أمر في هذه الآية أوصياء اليتامى أن يعطوا اليتامى1 أموالهم إذا هم بلغوا سن الرشد وآنسوا منهم الرشد، فقال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} . ونهاهم محرماً عليهم أن يستبدلوا أموال اليتامى الجيدة بأموالهم الرديئة فقال تعالى: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ} ، أي: الرديء من أموالكم بالطيب من أموالهم، ملا في ذلك من أذية اليتيم في ماله، ونهاهم أيضاً أن يأكلوا أموال يتاماهم مخلوطة مع أموالهم لما في ذلك من أكل مال التيم بغير حق فقال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ2 إِلَى أَمْوَالِكُمْ} ، وعلل ذلك بأنه إثم عظيم فقال عز وجل: {إنه} أي: الأكل {كَانَ حُوباً كَبِيراً} والحوب الإثم. هذا معنى الآية الأولى (2) {وَآتُوا الْيَتَامَى3 أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً4 كَبِيراً} ، وأما الآية الثانية (3) فقد أرشد الله تعالى أولياء اليتيمات أن هم خافوا أن لا يعدلوا معهن إذا تزوج أحدهم وليته أرشدهم أن يتزوجوا ما طاب لهم من النساء غير ولياتهم مثنى، وثلاث ورباع5. يريد اثنتين أو ثلاث أو أربع كل بحسب قدرته، فهذا خير من الزواج بالولية فيهضم حقها وحقها آكد لقرابتها. هذا معنى قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} . وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يريد تعالى وإن خاف المؤمن ألا يعدل بين زوجاته لضعفه فليكتف بواحدة ولا يزد عليها غيرها أو يتسرى بمملوكته إن كان له مملوكة فإن هذا أقرب إلى أن لا يجور المؤمن ويظلم نساءه. هذا معنى قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} . وفي الآية الرابعة والأخيرة يأمر تعالى بأن يعطوا النساء مهورهن فريضة منه تعالى فرضها على