الحال، وقوله: {بِغَمٍّ} أي: على غم، وسبب الغم الأول فوات النصر والغنيمة، والثاني: القتل والجراحات، وخاصة جراحات نبيهم وإذاعة قتله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقوله تعالى: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ} أي: ما أصابكم بالغم الثاني الذي هو خبر قتل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من النصر والغنيمة، ولا على ما أصابكم من القتل والجراحات فأنساكم الغم الثاني ما غمكم به الغم الأول الذي هو فوات النصر والغنيمة. وقوله: {وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} يخبرهم تعالى أنه بكل ما حصل منهم من معصية وتنازع وفرار، وترك للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المعركة وحده وانهزامهم وحزنهم خبير مطلع عليه عليم به وسيجزي به المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته أو يعفو عنه، والله عفو كريم.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1- مخالفة القيادة الرشيدة والتنازع في حال الحرب يسبب الهزيمة1 المنكرة.
2- معصية الله ورسوله والاختلافات بين أفراد الأمة تعقب أثاراً سيئة أخفها عقوبة الدنيا بالهزائم وذهاب الدولة والسلطان2.
3- ما من مصيبة تصيب العبد إلا وعند الله ما هو أعظم منها، فلذا يجب حمد الله تعالى على أنها لم تكن أعظم.
4- ظاهر هزيمة أحد النقمة وباطنها النعمة، وبيان ذلك أن علم المؤمنون أن النصر والهزيمة يتمان حسب سنن إلهية فما أصبحوا بعد هذه الحادثة المؤلمة يغفلون تلك السنن أو يهملونها.
5- بيان حقيقة كبرى وهي أن معصية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة واحدة وفي شيء واحد ترتب عليها ألم وجراحات وقتل وهزائم وفوات خير كبير وكثير، فكيف بالذين يعصون رسول الله طوال حياتهم وفي كل أوامره ونواهيه، وهم يضحكون ولا يبكون، وآمنون غير خائفين3.