والتفاخر الأمر الذي ألهاهم عن طاعة الله ورسوله فماتوا ولم يقدموا لأنفسهم خيراً فقال تعالى لهم ألهاكم أي شغلكم التكاثر أي في الأموال للتفاخر بها والمباهاة بكثرتها {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} 1 أي بعد موتكم نقلتم إليها لتبقوا فيها إلى أن تخرجوا منها للحساب والجزاء أي يوم القيامة. وقوله لهم {كُلّاً} أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا فاتدعوا عن هذا السلوك المفضي بكم إلى الهلاك والخسران. سوف تعلمون عاقبة تشاغلكم عن طاعة الله وطاعة رسوله والتزود للدار الآخرة {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ 2تَعْلَمُونَ} كرر الوعيد والتهديد. وقوله {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ3} أي4 حقا لو تعلمون ما تجدونه في قبوركم ويوم بعثكم ونشوركم لما تشاغلتم بالأموال وتكاثرتم فيها. وقوله {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} هذا جواب قسم نحو وعزتنا لترون الجحيم أي النار وذلك يوم القيامة المشرك يراها ويصلاها والمؤمن يراها وينجيه الله تعالى منها. ثم لترونها عين اليقين أي الأمر الذي لا شك فيه إذ يؤتى بجهنم فيراها أهل الموقف أجمعون وقوله {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ} أي يوم ترون الجحيم عين اليقين {عَنِ النَّعِيمِ5} الذي كان لكم في الدنيا من صحة وفراغ وأمن وطعام وشراب. فمن أدى شكره نجا، ومن لم يؤد شكره أخذ به ولا يعفى إلا عن ثوب يستر العورة وكسرة خبز تسد الجوعة وجحر يكن من الحر والبرد وقد صح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبي بكر وعمروا ابن التيهان "هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة يشير إلى بسر ورطب وماء بارد" وصح أيضا "أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ "
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- التحذير من جمع المال وتكثيره مع عدم شكره وترك طاعة الله ورسوله من أجله.