معنى الآيات:
قوله تعالى {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ1 وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} هذه أربعة أشياء قد أقسم الله تعالى بها وهي الفجر وفي كل يوم فجر وجائز أن يكون قد أراد تعالى فجر يوم معين وجائز أن يريد فجر كل يوم {وَلَيَالٍ عَشْر} وهي العشر الأول من ذي شهر الحجة وفيها عرفة والأضحى وقد أشاد بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال "ما من2 أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة " والشفع وهو كل زوج والوتر3 وهو كل فرد فهو إقسام بالخلق كله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} مقبلاً أو مدبراً فهو بمعنى والليل إذا سار والسير يكون صاحبه ذاهبا أو آيبا وقوله تعالى {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} أي لذي حجر ولب وعقل أي نعم فيه قسم عظيم وجواب القسم أو المقسم عليه جائز أن يكون قوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} الآتي, وجائز أن يكون مقدراً مثل لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير, وهذا لأن السورة مكية وهي تعالج العقيدة ومن أكبر ما أنكره المشركون البعث والجزاء فلذا هذا الجواب مراد ومقصود. ويدل عليه ما ذكر تعالى من مظاهر قدرته في الآيات بعد والقدرة هي التي يتأتى بها البعث والجزاء فقال عز وجل {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ4 فَعَلَ رَبُّكَ} أي ألم تنظر بعيني قلبك كيف فعل ربك5 بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وهي عاد الأولى قوم هود الذين قالوا من أشد منا قوة, وقال لهم نبيهم هود وزادكم في الخلق بسطة فقد كان طول الرجل منهم اثنى عشر ذراعا, ولفظ إرم عطف بيان لعاد فإرم هي عاد قوم هود ووصفها بأنها ذات عماد وأنها لم يخلق مثلها في البلاد هو وصف لها بالقوة والشدة وفعلا كانوا أقوى الأمم وأشدها ولازم طول الأجسام أن تكون أعمدة المنازل كأعمدة الخيام من الطول ما يناسب سكانها في طولهم. ومع هذه القوة والشدة فقد أهلكهم الله الذي هو أشد منهم قوة وقوله تعالى {وَثَمُودَ الَّذِينَ6 جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} . أي وانظر كيف فعل ربك بثمود وهم أصحاب الحجر (مدائن صالح) شمال المدينة النبوية قوم صالح الذين كانوا أقوياء أشداء حتى