{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً1} أي إنه بعد الحساب يأتي الجزاء وهاهي ذي قد أرصدت واعدت فهي مرصاد، مرصاد لمن؟ للطاغين المتجاوزين الحد الذي حدد لهم وهو أن يؤمنوا بربهم ويعبدوه وحده ويتقربوا إليه بفعل محابه وترك مكارهه فتجاوزوا ذلك إلى الكفر بربهم والإشراك به وتكذيب رسوله وفعل مكارهه وترك محابه هؤلاء هم الطاغون الذي أرصدت لهم جهنم فكانت لهم مرصادا ومرجعا ومآبا {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً2} أي دهورا، {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً3} أي نوما لأن النوم يسمى البرد في لغة بعض العرب، {وَلا شَرَاباً} ذا لذة {إِلَّا حَمِيماً} وهو الماء الحار {وَغَسَّاقاً} وهو ما يسيل من صديد أهل النار {جَزَاءً وِفَاقاً} أي موافقا لذنوبهم لأنه لا أعظم من الكفر ذنبا ولا من النار عذابا ثم ذكر تعالى مقتضى هذا العذاب فقال {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَاباً} أي ما كانوا يؤمنون بالحساب ولا بالجزاء ولا يخافون من ذلك {وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا كِذَّاباً} أي بآياته وحججه تكذيبا زائدا. وقوله تعالى {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً} إذ كانت الملائكة تكتب أعمالهم وتحصيها عليهم فهم يتلقون جزاءهم العادل ويقال لهم توبيخا وتبكيتا وهم في أشد العذاب وأمرّه {فَذُوقُوا 4فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً} فيعظم عندهم الكرب ويستحكم من نفوسهم اليأس. وهذا جزاء من تنكر لعقله فكفر بربه وآمن بالشيطان وعبد الهوى. والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- التنديد بالطغيان وبيان جزاء الظالمين.
2- التنديد بالتكذيب بالبعث والمكذبين به.
3- أعمال العباد مؤمنهم وكافرهم كلها محصاة عليها ويجزون بها.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر آثارها.
5- أبدية العذاب في الدار الآخرة وعدم إمكان نهايته.