معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تربية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته بأنواع التربية الربانية الخاصة فقال تعالى لرسوله {وَاصْبِرْ1 عَلَى مَا يَقُولُونَ} أي كفار قريش من كلام يؤذونك به كقولهم هو ساحر وشاعر وكاهن ومجنون وما إلى ذلك، وقوله {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} يرشد تعالى رسوله إلى هجران كفار قريش وعدم التعرض لهم والهجر الجميل2 هو الذي لا عتاب معه وقوله {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ} أي اتركني والمكذبين من صناديد3 قريش أولي النعمة أي النعم والترف {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً} أي أنظرهم ولا تستعجل فإني كافيكهم، ولم يمض إلا يسير حتى هلكوا في بدر على أيدي المؤمنين. وقوله تعالى {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً وَطَعَاماً} أي عندنا للمكذبين بك في الآخرة أنكالا قيودا من حديد وجحيما أي نارا مستعرة محرقة وعذابا أليما أي موجعا وطعاما هو الزقوم والضريع ذا غصة أي يغص في حلق آكله، وعذابا أليما أي موجعاً وذلك يحصل لأهله وينالهم يوم ترجف الأرض والجبال، أي تتحرك وتضرب وكانت الجبال كثيبا أي من الرمل مهيلا سائلا بعد اجتماعه. وقوله تعالى {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ} أي يا أهل مكة وكل من ورائها من سائر الناس والجن {رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ} بما تعملون في الدنيا لتجزوا بها في الآخرة وقوله 4 {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً} أي موسى بن عمران عليه السلام {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} أي غليظا شديدا. وقوله تعالى مخاطبا الكافرين المكذبين {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ يَوْماً} أي عذاب يوم {يجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً} وذلك لهوله وللكرب الذي يقع وحسبه أن السماء منفطر5 به أي منشقة بسبب أهواله. وذلك يوم يقول الرب تعالى لآدم يا آدم ابعث بعث النار أي خذ من كل ألف من أهل الموقف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ولم ينج من كل ألف إلا واحد هنا يشتد البلاء ويعظم الكرب. وقوله {كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً} أي وعده تعالى بمجيء هذا اليوم كان مفعولا أي كائنا لا محالة وقوله {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ} أي إن هذه الآيات المشتملة على ذكر القيامة وأهوالها تذكرة وعظة وعبرة {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} فليتخذ وهي الإيمان والعمل الصالح بعد التخلي عن الشرك والمعاصي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015