حبلى، وقالت ما قص الله تعالى عنها في قوله: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ1 لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ، وحان وقت الولادة فولدت ولكن أنثى لا ذكراً فتحسرت لذلك، وقالت: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} وكيف لا يعلم وهو الخلاق العليم. وقالت: {.. وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى..} في باب الخدمة في بيت المقدس، فلذا هي آسفة جداً، وأسمت مولودتها: مريم، أي خادمة الله، وسألت ربها أن يحفظها وذريتها من الشيطان الرجيم، واستجاب الله تعالى لها، فحفظها وحفظ2 ولدها عيسى عليه السلام، فلم يقربه شيطان قط. وتقبل3 الله تعالى ما نذرته له وهو مريم، فأنبتها نباتاً حسناً فكانت تنمو نماء عجيباً على خلاف المواليد، وكفلها زكريا فتربت في بيت خالتها وذلك أن حنة لما وضعتها أرضعتها ولفتها في قماطها وبعثت بها إلى صلحاء بني إسرائيل يسندونها إلى من يرون تربيتها في بيته، لأن أمها نذرتها لله تعالى، فلا يصح منها أن تبقيها في بيتها ووالدها مات أيضاً، فأحب كل واحد أن يكفلها فكفلها زكريا وأصبحت في بيت خالتها4 بتدبير الله تعالى لها، ولما كبرت أدخلها المحراب لتتعبد فيه، وكان يأتيها بطعامها، فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، فيعجب لذلك ويسألها قائلاً: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} ؟ فتجيبه قائلة: {هُوَ مِنْ عِنْدِ5 اللهِ} وتعلل لذلك فتقول: {إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان إفضال الله تعالى وإنعامه على من يشاء.
2- بيان أن عيسى عليه السلام ليس بابن الله ولا هو الله، ولا ثالث ثلاثة، بل هو عبد الله ورسوله أمه مريم، وجدته حنة، وجده عمران، من بيت شرف وصلاح في بني إسرائيل.
3- استجابة الله تعالى لدعاء أولياؤه كما استجاب لحنة ورزقها الولد وأعاذ بنتها وولدها من الشيطان الرجيم.