رَحِيمٌ} في هذا عتاب من الله تعالى لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ حرم جاريته مارية ترضية1 وذلك أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلا بها في بيت إحدى نسائه فاطلعت عليه فقالت يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي فجعلها أي مارية عليه حراماً ترضية لصاحبة الحجرة والفراش. فأنزل الله تعالى هذه الآيات مشتملة على هذه القصة فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} يعني جاريته مارية القبطية أم إبراهيم. {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} أي تطلب رضاهن {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} بك فلا لوم عليك بعد هذا ولا عتاب فجاريتك لا تحرم عليك وكفر عن يمينك. إذ قال لها هي علي 2حرام ووالله لا أطؤها.
وقوله تعالى {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ3 تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي ما تحللون به من أيمانكم إذا حلفتم وهي ما جاء في سورة المائدة من قوله تعالى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} وقوله تعالى والله مولاكم أي متولي أمركم وناصركم. وهو العليم بأحوال عباده الحكيم في قضائه وتدبيره لخلقه.
وقوله تعالى {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} أي أذكر إذ أسر النبي لبعض أزواجه حديثا وهي حفصة بنت عمر رضي الله عنها إذ قال لها لقد حرمت فلانة ووالله لا أطأها وطلب منها أن لا تفشي هذا السر. فحدثت به عائشة وكانت متصافية معها توادها.
فأطلع الله رسوله على ذلك. فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه لحفصة وأعرض عن بعض تكرماً منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت أي حفصة من أنبأك هذا؟ قال نبأني العليم الخبير. وقوله: إن تتوبا إلى الله أي حفصة وعائشة فقد صغت قلوبكما أي مالت إلى تحريم مارية أي سركما كذلك. وجواب الشرط تقديره تقبل توبتكما. وقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} أي تتعاونا عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يكرهه، فإن تعاونكما يا حفصة وعائشة رضي الله عنكما لن يضره شيئاً فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين أبو بكر وعمر، والملائكة بعد ذلك ظهير له أي ظهراء وأعوان له عن كل من يؤذيه أو يريده بسوء.