معنى الآيات:
قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} أي كلفوا بالعمل بها من اليهود والنصارى ثم لم يحملوها أي ثم لم يعملوا بما فيها من أحكام وشرائع ومن ذلك جحدهم لنعوت النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر بالإيمان به واتباعه عند ظهوره. وقوله تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً1} أي كمثل حمار يحمل على ظهره أسفاراً من كتب العلم النافع وهو لا يعقل ما يحمل ولا يدري ماذا على ظهره من الخير، وذلك لأنه لا يقرأ ولا يفهم2. وقوله تعالى {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ} أي المصدقة للنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا المثل الذي ضربه تعالى لأهل الكتاب من يهود ونصارى. وقوله والله لا يهدي القوم الظالمين، ولهذا ما هداهم إلى الإسلام. لتوغلهم في الظلم والكفر والشر والفساد لم يكونوا أهلاً لهداية الله تعالى.
وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} أي قل يا رسولنا يا أيها الذين هادوا أي يا من هم يدعون أنهم على الملة اليهودية، إن زعمتم أنكم أولياء الله من دون الناس حيث ادعيتم أنكم أبناء الله وأحباؤه، وأن الجنة لكم دون غيركم إلى غير ذلك من دعاويكم فتمنوا الموت إن3 كنتم صادقين في دعاويكم إذ الموت طريق الدار الآخرة فتمنوه لتموتوا فتستريحوا من كروب الدنيا وأتعابها.
وقوله تعالى: {وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً} أخبر تعالى وهو العليم أنهم لا يتمنونه في يوم من الأيام أبداً، وبين تعالى علة ذلك بقوله: بما قدمت أيديهم من الذنوب والآثام الموجبة للعذاب. وقوله {وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} أي من أمثال هؤلاء اليهود وسيجزيهم بظلمهم عذاب الجحيم. وقوله تعالى {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ4} أي قل لهم يا رسولنا إن الموت الذي تفرون منه ولا تتمنونه فراراً وخوفاً