فصدوا عن سبيل الله: أي فصدوا بتلك الأيمان المؤمنين عن سبيل الله التي هي جهادهم وقتالهم.
فيحلفون له كما يحلفون لكم: أي يوم يبعثهم من قبورهم يوم القيامة يحلفون لله أنهم كانوا مؤمنين كما يحلفون اليوم لكم أنهم مؤمنون.
ويحسبون أنهم على شيء: أي يظنون في أيمانهم الكاذبة أنهم على شيء من الحق.
استحوذ عليهم الشيطان: أي غلب عليهم الشيطان.
فأنساهم ذكر الله: فلم يذكروه بألسنتهم إلا تقية ولا يذكرون وعده ولا وعيده.
أولئك حزب الشيطان: أي أولئك البعداء أتباع الشيطان وجنده.
ألا إن حزب الشيطان هم: أي إن أتباع الشيطان وجنده هم المغبونون الخاسرون في صفقة حياتهم.
الخاسرون
معنى الآيات:
في هذه الأيام التي نزلت فيها هذه السورة كان النفاق بالمدينة بالغاً أشده، وكان اليهود كذلك كثيرين ومتحزبين ضد الإسلام والمسامين وذلك قبل إجلائهم من المدينة ففي هذه الآية يحذر الله تعالى رسوله والمؤمنين من العدوين معاً ويكشف الستار عنهم ليظهرهم على حقيقتهم ليحذرهم المؤمنون فيقول تعالى {أَلَمْ تَرَ1} أي تنظر يا رسولنا إلى الذين تولوا قوماً غضب2 الله عليهم وهم اليهود تولاهم المنافقون ولاية نصرة وتحزب ضد الرسول والمؤمنين. يقول تعالى هؤلاء المنافقون ما هم منكم أيها المؤمنون ولا منهم من اليهود بل هم مذبذبون حيارى يترددون بينكم وبين اليهود معكم في الظاهر ومع اليهود في الباطن.
وقوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ3} أي أنهم كاذبون إذ كانوا يأتون رسول الله ويحلفون له أنهم مؤمنون به وبما جاء به وهم يعلمون أنهم كاذبون إذ هم غير مؤمنين به ولا مصدقين. فتوعدهم الله عز وجل بقوله: {أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً} أي هيأ لهم وأحضره وذلك يوم القيامة، وندد بصنيعهم وقبح سلوكهم بقوله إنهم ساء ما كانوا يعملون ولذا أعد لهم العذاب