والله ذو الفضل العظيم: أي فلا يبعد تفضله بذلك الموعود به وإن كان عظيماً.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في توجيه المؤمنين وإرشادهم إلى ما يزيد في كمالهم وسعادتهم في الحياتين فخاطبهم قائلا: اعلموا أيها1 المؤمنون الذين استبطانا قلوبهم أي خشوعها إذ الإقبال على الدنيا هو سبب الغفلة عن الآخرة ومتطلباتها من الذكر والعمل الصالح {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ2 وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ} هذه حقيقتها وهي أمور خيالية قليلة النفع سريعة الزوال. فلا تغتروا بها ولا تقبلوا بكلكم عليها أنصح لكم بذلك. فاللهو كاللعب لا يخلفان منفعة تعود على اللاهي اللاعب، والزينة سرعان ما تتحول وتتغير وتزول والتفاخر بين المتفاخرين مجرد كلام ما وراءه طائل أبداً والتكاثر لا ينتهي إلى حد ولا يجمع إلا بالشقاء والنصب والتعب ثم يذهب أو يذهب عنه فلا بقاء له ولا دوام وله تبعات لا ينجو منها صاحبها إلا برحمة من الله وإليكم مثل الحياة الدنيا إنها {كَمَثَلِ 3غَيْثٍ} أي مطر {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ} أي الفلاحين الذين كفروا بذرة بالتربة {نَبَاتُهُ} الذي نبت به أي المطر {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ} بعد أيام {مُصْفَرّاً} 4 ثم يهيج أي ييبس {ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} يتفتت هذه هي الدنيا من بدايتها إلى نهايتها المؤلمة أما الآخرة ففيها عذاب شديد لأهل الشرك والمعاصي لابد لهم منه يفارقونه، ومغفرة من الله ورضوان لأهل التوحيد وصالح الأعمال وما الحياة الدنيا وقد عرضنا عليكم مثالها فما هي إلا متاع الغرور أي إنها لا حقيقة لها وكل ما فيها من المتع التي يتمتع بها إلا غرور باطل. وعليه فأنصح لكم5 سابقوا إلى مغفرة من ربكم أي سارعوا بالتوبة مسابقين بعضكم بعضا لتغفر ذنوبكم وتدخلوا جنة ربكم التي عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله أي هيئت وأحضرت فهي معدة مهيأة. ذلك فضل الله أي المغفرة ودخول الجنة يؤتيه من يشاء ومن سارع إلى التوبة فآمن وعمل صالحاً وتخلى عن الشرك والآثام فهو ممن شاء له فضله ولذلك وفقه للإيمان وصالح الأعمال. والله ذو الفضل