أي لهم أجر كريم يوم ترى المؤمنين والمؤمنات1 في عرصات القيامة نورهم الذي اكتسبوه بإيمانهم وصالح أعمالهم في دار الدنيا ذلك النور يمشي أمامهم يهديهم إلى طريق الجنة، وقد أعطوا كتبهم بأيمانهم. وتقول لهم الملائكة الذين أعدوا لتلقيهم واستقبالهم بشراكم2 اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار أي تجري الأنهار أنهار الماء واللبن والخمر والعسل من خلال الأشجار والقصور خالدين3 فيها ماكثين أبدا لا يموتون ولا يخرجون. قال تعالى {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} إذ هو نجاة من النار ودخول الجنان في جوار الرحمن. وقوله تعالى {يَوْمَ4 يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ} بدل من قوله يوم ترى المؤمنين والمؤمنات، والمنافقون والمنافقات وهم الذين كانوا في الحياة الدنيا يخفون الكفر في أنفسهم ويظهرون الإيمان بألسنتهم والإسلام بجوارحهم يقولون للذين آمنوا انظرونا أي اقبلوا علينا بوجوهكم ذات الأنوار نقتبس5 من نوركم أي نأخذ من نوركم ما يضيء لنا الطريق مثلكم قيل فيقال لهم استهزاء بهم {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً} إشارة إلى أن هذا النور يطلب في الدنيا بالإيمان وصالح الأعمال فيرجعون إلى الوراء وفوراً يضرب بينهم وبين المؤمنين بسور عال {لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ} وهو يلي المؤمنين فيه الرحمة {وَظَاهِرُهُ} وهو يلي المنافقين {مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} فيأخذون في ندائهم ألم نكن معكم على الطاعات أيها المؤمنون فقد كنا نصلي معكم ونجاهد معكم وننفق كما تنفقون فيقول لهم المؤمنون بلى أي كنتم معنا في الدنيا على الطاعات في الظاهر ولكنكم فتنتم أنفسكم بالنفاق وتربصتم بنا الدوائر لتعلنوا عن كفركم وتعودوا إلى شرككم، وارتبتم أي شككتم في صحة الإسلام وفي عقائده ومن ذلك البعث الآخر وغرتكم الأماني الكاذبة والأطماع في أن محمداً لن ينتصر وأن دينه لن يظهر، حتى جاء أمر الله بنصر رسوله وإظهار دينه وغركم بالله الغرور أي بالإيمان بالله أي بعد معاجلته لكم بالعذاب والستر عليكم وعدم كشف الستار عنكم وإظهاركم على ما أنتم عليه من الكفر الغرور أي الشيطان إذ هو الذي زين لكم الكفر وذكركم بعفو الله وعدم مؤاخذته لكم.
قال تعالى: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ} أي فداء مهما كان ولا من الذين كفروا كذلك