معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض أحوال الآخرة وذكر ما لكل صنف من أصناف الناس الثلاثة من سابقين وأصحاب يمين وأصحاب شمال فقال تعالى {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ1} وهم الذين إذا وقفوا في عرصات القيامة أخذ بهم ذات اليمين وهم أهل الإيمان والتقوى في الدنيا وقوله تعالى: {مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ2} تفخيم لشأنهم وإعلان عن كرامتهم ثم بين ذلك بقوله: {فِي سِدْرٍ3 مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ4 وَلا مَمْنُوعَةٍ، وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} إنهم في هذا النعيم الدائم المقيم إنهم يتفكهون بالنبق الذي هو أحلى من العسل وأنعم من الزبد شجره مخضود الشوك لا شوك به، ويتفكهون بالطلح أي ثمره وهو الموز، والماء المصبوب الجاري، والفاكهة الكثيرة التي لا تقطع بالفصول الزمانية كما هي الحال في فاكهة الدنيا يوجد منها في الصيف ما لا يوجد في الشتاء مثلا ولا ممنوعة بثمن غال ولا رخيص وفي فرش مرفوعة عالية علو الدرجات التي هي فيها وقوله: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} 5 يعني الحور العين اللائي سبق في الآيات ذكرهن منهن من أنشأهن الله إنشاء لم يسبق لهن خلق ووجود، ومنهن نساء الدنيا فقد كانت فيهن السوداء والعمشاء والرمصاء والعجوز فيعيد تعالى إنشاءهن فيجعلهن من بين الحور العين كأنهن اللؤلؤ المكنون، وقوله {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} عذارى لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان عربا أتراباً العروب6 هي المتحببة إلى زوجها العاشقة له المتغنجة والأتراب المتساويات في السن، وترب7 الإنسان من ولد معه في وقت واحد فمس جلده التراب مع مس التراب جلدك وقوله لأصحاب اليمين أي أنشأ هؤلاء الحور العين لأجل أصحاب اليمين ليستمتعوا بهن. وقوله {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} أي من الأمم الماضية {وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} أي من هذه الأمة المسلمة اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم وأدخلنا الجنة معهم.