وتهديداً للمشركين المصرين على الشرك بالله والتكذيب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنذاراً لأهل الشرك والمعاصي في كل زمان ومكان فقال تعالى {كَذَّبَتْ1 قَوْمُ لُوطٍ} وهم أهل قرى سدوم2 وعمورة كذبوا رسولهم لوطاً بن أخي إبراهيم عليه السلام هاران. كذبوا بالنذر وهي الآيات التي أنذرهم لوط بها وخوفهم من عواقبها.

وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً3} أي لما كذبوا بالنذر وأصروا على الكفر وإتيان الفاحشة أرسلنا عليهم حاصباً ريحاً تحمل الحصباء الحجارة الصغيرة فأهلكناهم بعد قلب البلاد بجعل عاليها سافلها. وقوله تعالى {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر4ٍ} والمراد من آل لوط لوط ومن آمن معه من ابنتيه وغيرهما نجاهم الله تعالى بسحر وهو آخر الليل. وقوله {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} أي كان انجاؤهم إنعاماً منا عليهم ورحمة منا بهم. وقوله تعالى {كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} أي كهذا الانجاء أي من العذاب الدنيوي نجزي من شكرنا فآمن بنا وعمل صالحاً طاعة لنا وتقربا إلينا وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ5 بَطْشَتَنَا} أي إننا لم نأخذهم بظلم منا ولا بدون سابق إنذار منا لا، لا بل أخذناهم بظلمهم، وبعد تكرر إنذارهم، فكانوا إذا أنذروا تماروا بما أنذروا فجادلوا فيه مستهزئين مكذبين، ومن أعظم ظلمهم أنهم راودوا لوطاً عن ضيفه من الملائكة وهم في صورة بشر، فلما راودوه عنهم ليفعلوا الفاحشة ضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم فأصبحت كسائر وجوههم لا حاجب ولا مقلة ولا مكان للعين بالكلية وقولنا لهم فذوقوا عذابي ونذري أي لأولئك الذين راودوا لوطاً عن ضيفه، أما باقي الأمة فهلاكهم كان كما أخبر تعالى عنه بقوله: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً} أي صباحاً {عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ} أي دائم لهم ملازم لا يفارقهم ذاقوه في الدنيا موتاً وصاحبهم بزرخاً ويلازمهم في جهنم لا يفارقهم. وقلنا لهم فذوقوا عذابي ونذر حيث كنتم تمارون وتستهزئون وقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا6 الْقُرْآنَ لِلذِّكْر} أي القرآن للحفظ وسهلناه للفهم والاتعاظ به والتذكر فهل من مدكر أي فهل من متذكر متعظ معتبر فيقبل على طاعة الله متجنباً معاصيه فينجو ويسعد وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015