قوله تعالى {اقْتَرَبَتِ 1السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} يخبر تعالى أن ساعة نهاية الدنيا وفنائها وقيام القيامة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق معجزة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علامة من علامات الساعة، وانشقاق القمر كان بمكة حيث طالبت قريش النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعجزة تدل على نبوته فسأل الله تعالى انشقاق القمر فانشق فلقتين على جبل أبي قبيس فلقة فوق الجبل وفلقة وراءه فشاهدته قريش ولم تؤمن وهو معنى قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ2 مُسْتَمِرٌّ} أي هذا سحر قوي شديد. قال تعالى {وَكَذَّبُوا} أي رسولنا وما جاء به من التوحيد والوحي واتبعوا في هذا التكذيب أهواءهم لا عقولهم ولا ما جاء به رسولهم. وقوله تعالى {وَكُلُّ أَمْرٍ3 مُسْتَقِرٌّ} أي وكل أمر من خير أو شر مستقر بصاحبه إما في الجنة أو النار. وقوله تعالى {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ} أي من أخبار الأمم السابقة وكيف أهلكها الله بتكذيبها رسلها وإصرارها على الشرك والكفر، وذلك في القرآن الكريم ما فيه مزدجر4 أي جاء من الأخبار الواعظة المذكرة من قصص الأنبياء مع أممهم ما فيه زاجر عن التكذيب والمعاصي هو5 حكمة بالغة تامة، والحكمة القول الذي يمنع صاحبه من التردي والهلاك بصرفه عن أسباب ذلك.
وقوله تعالى {فَمَا تُغْنِ6 النُّذُرُ} أي عن قوم كذبوا بالحق لما جاءهم واتبعوا أهواءهم ولم يتبعوا هدى ربهم ولا عقولهم. إذاً فتول عنهم يا رسولنا واتركهم إلى حكم الله فيهم. وقوله: {َيوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ7 نُكُرٍ} أي اذكر يا رسولنا يوم يدعو الداع إلى شيء نكر وهو موقف القيامة خشعاً أبصارهم وكل أجسامهم وإنما ذكرت الأبصار لأنها أدل على الخشوع من سائر الأعضاء {يخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} أي القبور جمع جدث وهو القبر كأنهم جراد منتشر في كثرتهم وتفرقهم وانتشارهم مهطعين إلى الداع أي مسرعين إلى داع الله إلى ساحة الموقف وفصل