تعجبون وتضحكون: أي تعجبون تكذيباً به، وتضحكون سخرية منه كذلك.
وأنتم سامدون: أي لاهون مشتغلون بالباطل من القول كالغناء والعمل كعبادة الأصنام والأوثان.
فاسجدوا لله: أي الذي خلقكم ورزقكم وكلأكم ولا تسجدوا للأصنام.
واعبدوا: أي وذلوا لله وخضعوا له تعظيماً ومحبة ورهبة فإنه إلهكم الحق الذي لا إله لكم غيره.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض العظيم لمظاهر القدرة والعلم والحكمة وكلها مقتضية للربوبية والألوهيتة لله سبحانه وتعالى خاطب الله تعالى الإنسان فقال {فَبِأَيِّ آلاءِ1 رَبِّكَ} أي بعد الذي عرضنا عليك في هذه السورة من مظاهر النعم والنقم وكلها في الباطن نعم فبأي آلاء ربك2 تتمارى أي تتشكك أو تكذب، وكلها ثابتة أمامك لا تقدر على إنكارها وإخفائها بحال من الأحوال. ثم قال تعالى: {هَذَا نَذِيرٌ 3مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} يشير إلى أحد أمرين إما إلى ما في هذه السورة والقرآن كله من نذر أو إلى النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلا الأمرين حق القرآن نذير ومحمد نذير من النذر الأولى التي سبقته وهم الرسل، أو ما خوفت به الرسل أقوامها من عذاب الله تعالى العاجل في الدنيا والآجل في الآخرة. ألا فاحذروا أيها الناس عاقبة إعراضكم.
وقوله تعالى: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} يخبر تعالى أن القيامة قد آن أوانها وحضرت ساعتها إنها لقريبة جداً. ليس لها من دون الله نفس كاشفة تكشف الستار عنها وتظهرها بل تبقى مستورة لحكمة إلهية قد تفاجأ بها البشرية وويل يومئذ للمكذبين.
وقوله تعالى توبيخا للمشركين والمكذبين: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ} أي غفلتم كل هذه الغفلة فتعجبون من هذا الحديث الإلهي والكلام الرباني وهو القرآن. {وَتَضْحَكُونَ} كأن قلوبكم أصابها الموات، ولا تبكون على أنفسكم وقد بعتموها للشيطان ليقدمها إلى نار جهنم حطباً،