غموض، ولكن منعهم من قبوله الحفاظ على المناصب والمنافع هؤلاء جميعهم سيعذبهم الله تعالى في نار جهنم ولن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً، واعلم أنهم وقود النار، التي مهدوا لها بكفرهم وبئس المهاد مهدوه لأنفسهم. ثم أخبر تعالى أنهم في كفرهم وعنادهم حتى يأتيهم العذاب كدأب آل فرعون والذين من قبلهم من الأمم التي كذبت رسلها؛ كقوم نوح وقوم هود وقوم صالح حتى أخذهم الله بالعذاب في الدنيا بالهلاك والدمار، وفي الآخرة بعذاب النار وبئس المهاد، وكان ذلك بذنوبهم لا بظلم الله تعالى ثم أمر الله تعالى رسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقول ليهود المدينة الذين قالوا للرسول لا يغرنك أنك قاتلت من لا يحسن الحرب فانتصرت عليهم يريدون قريشاً في موقعة بدر، إنك إن قاتلتنا ستعلم أنا نحن الناس، لما قالوا قولتهم هذه يهددون بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمين أمره أن يقول لهم1 {سَتُغْلَبُونَ} يريد في المعركة وتنهزمون وتموتون، وبعد موتكم تحشرون إلى جهنم وبئس المهاد جهنم مهدتموها لأنفسكم بكفركم وعنادكم وجحودكم للحق بعد معرفته. وفتح أعينهم على حقيقة لو تأملوها لما تورطوا في حرب الرسول حتى هزمهم وقتل من قتل منهم وأجلى من أجلاهم. وهي أن المسلمين الذين قاتلوا المشركين في بدر وانتصروا عليهم كانوا أقل عدد وأنقص عدة، ومع ذلك انتصروا؛ لأنهم يقاتلون في سبيل الله، والكافرون يقاتلون في سبيل الطاغوت والشرك والظلم والطغيان، ونصر الله الفئة القليلة المسلمة2 وهزم الفئة الكافرة الكثيرة، فلو اعتبر اليهود بهذه الحقيقة لما تورطوا في حرب مع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبداً. ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وهي البصائر. فقال تعالى لهم: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا} –في بدر- جماعة- تقاتل في سبيل الله- إعلاء لكلمته- وأخرى فئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت {يَرَوْنَهُمْ3مِثْلَيْهِمْ