معنى الآيات:

بعد أن أمر تعالى رسوله بالتذكير وأنه أهل لذلك لما أفاض عليه من الكمالات وما وهبه من المؤهلات. أخذ تعالى يلقن رسوله الحجج فيذكر له باطلهم موبخاً إياهم به ثم يدمغه بالحق في أسلوب قرآني عجيب لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى. ومنه قوله: {أَمْ خُلِقُوا1 مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} أي أخلقوا من غير خالق {أَمْ هُمُ2 الْخَالِقُونَ} والجواب لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم خلقوا أنفسهم إذ الأول باطل فما هناك شيء موجود وجد بغير موجد؟! والثاني محال، إن المخلوق لا يوجد قبل أن يخلق فيكف يخلقون أنفسهم وهم لم يخلقوا بعد؟! ويدل على جهلهم وعمي قلوبهم ما رواه البخاري عن جبير بن مطعم أنه ذكر أنه لما قدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وقعة بدر في شأن فداء الأسرى سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور قال فلما بلغ في القراءة عند هذه الآية {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} كاد قلبي يطير. سمعها وهو مشرك فكانت سبباً في إسلامه فلو فتح القوم قلوبهم للقرآن لأنارها وأسلموا في أقصر مدة. وقوله تعالى: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ3 وَالْأَرْضَ} والجواب: لا، إذ العاجز عن خلق ذبابة فما دون عن خلق السماوات والأرض وما فيهما أعجز. وقوله تعالى {بَلْ لا يُوقِنُونَ} أن الله هو الذي خلقهم وخلق السماوات والأرض فقولهم عند سؤال من خلقهم: الله، وعن خلق السماوات والأرض: الله لم يكن عن يقين إذ لو كان عن يقين منهم لما عبدوا الأصنام ولما أنكروا البعث ولما كذبوا بنبوة محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} أي من الأرزاق والخيرات والفواضل والفضائل فيخصوا من شاءوا منها ويحرموا من شاءوا والجواب ليس لهم ذلك فلما إذاً ينكرون على الله ما أتى رسوله من الكمال والإفضال؟ أم هم المسيطرون أي الغالبون القاهرون المتسلطون فيصرفون كيف شاءوا في الملك؟ والجواب: لا، إذاً فلما هذا التحكم الفاسد. وقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ4 فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي ألهم مرقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015